الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( بقع ) الباء والقاف والعين أصل واحد ترجع إليه فروعها كلها ، وإن كان في بعضها بعد فالجنس واحد ، وهو مخالفة الألوان بعضها بعضا ، وذلك مثل الغراب الأبقع ، وهو الأسود في صدره بياض . يقال غراب أبقع ، وكلب أبقع وقال بعضهم للحجاج في خيل ابن الأشعث : رأيت قوما بقعا . قال : ما البقع ؟ قال : رقعوا ثيابهم من سوء الحال .

                                                          وفي الحديث : يوشك أن يستعمل عليكم بقعان أهل الشام .

                                                          قال أبو عبيد : الروم والصقالبة ، وقصد باللفظ البياض . قال الخليل : البقعة قطعة من الأرض على غير هيئة التي إلى جنبها ، وجمعها بقاع وبقع . أبو زيد : هي البقعة أيضا بفتح الباء . أبو عبيدة : الأبقع من الخيل الذي يكون في جسده بقع متفرقة مخالفة للونه . قال أبو حنيفة : البقعاء من الأرضين التي يصيب بعضها المطر ولم يصب البعض . وكذلك مبقعة ، يقال أرض بقعة إذا كان فيها بقع من نبت ، وقيل هي الجردة التي لا شيء فيها ، والأول أصح .

                                                          ابن الأعرابي : البقعاء من الأرض المعزاء ذات الحصى والحجارة . قال الخليل :

                                                          [ ص: 282 ] البقيع من الأرض موضع فيه أروم شجر من ضروب شتى . وبه سمي بقيع الغرقد بالمدينة . أبو زيد : كل جو من الأرض وناحية بقيع . قال :


                                                          ورب بقيع لو هتفت بجوه أتاني كريم ينغض الرأس مغضيا

                                                          وفي المثل : " نجى حمارا بالبقيع سمنه " . والباقعة : الداهية . يقال بقعتهم باقعة ، أي داهية ، وذلك أنه أمر يلصق حتى [ يذهب ] أثره . قال ابن الأعرابي : سنة بقعاء ، أي مجدبة .

                                                          قال أبو عبيدة : بنو البقعاء بنو هاربة بن ذبيان ، وأمهم البقعاء بنت سلامان بن ذبيان . ولهم يقول بشر :


                                                          ولم نهلك لمرة إذ تولوا     فساروا سير هاربة فغاروا

                                                          قال أبو المنذر : يقال لهاربة " البقعاء " ، وهم قليل . قال : " ولم أر هاربيا قط " . وفيهم يقول الحصين بن حمام :


                                                          وهاربة البقعاء أصبح جمعها     أمام جموع الناس جمعا مقدما

                                                          وقال بعضهم : بقعاء قرية من قرى اليمامة . قال :


                                                          ولكن قد أتاني أن يحيى     يقال عليه في بقعاء شر
                                                          فقلت له تجنب كل شيء     يعاب عليك إن الحر حر

                                                          [ ص: 283 ] قال ابن السكيت : يقال بقع فلان بكلام سوء ، أي رمي . وهو في الأصل الذي ذكرناه . فأما قولهم : ابتقع لونه ، فيجوز أن يكون من هذا ، ويجوز أن يكون من باب الإبدال ; لأنهم يقولون امتقع لونه . قال الكسائي : إذا تغير اللون من حزن يصيب صاحبه أو فزع قيل ابتقع .

                                                          قال ابن الأعرابي : يقال لا أدري أين سقع وبقع ، أي أين ذهب . قال غيره : يقال بقع في الأرض بقوعا ، إذا خفي فذهب أثره . قال بعض الأعراب : البقعة من الرجال ذو الكلام الكثير الذاهب في غير مذهبه ، وهو الذي يرمي بالكلام لم يعلم له أول ولا آخر . قال بعضهم : بقع الرجل إذا حلف له حلفا . وعام أبقع وأربد ، إذا لم يكن فيه مطر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية