الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1026 [ ص: 324 ] ص: حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال: أنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه، عن زيد بن أسلم ، عن القعقاع بن حكيم ، عن أبي يونس مولى عائشة ، أنه قال: "أمرتني عائشة -رضي الله عنها-..." ثم ذكر نحو حديث حفصة من حديث علي بن معبد .

                                                التالي السابق


                                                ش: أشار بهذا إلى أن حديث حفصة المذكور قد روي أبي عن عائشة مثله، ولهذا قال: نحو حديث حفصة ، وإنما قال: من حديث علي بن معبد ؛ تنبيها على أنه روي مرفوعا عن عائشة ، كما أن حديث حفصة روي مرفوعا من حديث علي بن معبد .

                                                وأخرجه بإسناد صحيح على شرط مسلم ، وأبو يونس مولى عائشة وثقه ابن حبان واحتج به مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .

                                                وأخرجه مسلم : ثنا يحيى بن يحيى التميمي ، قال: قرأت على مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن القعقاع بن حكيم ، عن أبي يونس مولى عائشة أنه قال: "أمرتني عائشة أكتب لها مصحفا، وقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني..." إلى آخره نحو رواية الطحاوي في حديث حفصة ، غير أن في لفظ مسلم في آخره: "قالت عائشة : سمعتها من رسول الله -عليه السلام-..." .

                                                وأخرجه أبو داود : عن القعنبي ، عن مالك ... إلى آخره نحوه.

                                                وأخرجه الترمذي في كتاب التفسير في "الجامع": ثنا قتيبة ، عن مالك ، وعن الأنصاري ، عن معن ، عن مالك ، عن زيد بن أسلم ... إلى آخره نحوه.

                                                ثم قال: هذا حديث حسن صحيح.

                                                وأخرجه النسائي : عن قتيبة ، عن مالك ... إلى آخره نحوه.

                                                [ ص: 325 ] وهذا أيضا قد دل على أن العصر ليست بصلاة الوسطى ؛ لأنها عطفت عليها بالواو، والمعطوف غير المعطوف عليه كما ذكرنا، وقال أبو عمر : لم يختلف في حديث عائشة في ثبوت الواو بخلاف حديث حفصة .

                                                قلت: فيه نظر؛ لأن ابن حزم ذكره في كتابه وقال: وروينا من طريق ابن مهدي ، عن أبي سهل محمد بن عمرو الأنصاري ، عن القاسم ، عنها فذكرته بغير واو.

                                                وروى أبو بكر بن أبي داود : صاحب "السنن". وقال: ثنا أحمد بن الحباب ، ثنا مكي ، ثنا عبد الله - يعني قاضي مصر - عن ابن هبيرة ، عن قبيصة بن ذكوان قال: "في مصحف عائشة -رضي الله عنهما-: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر" .

                                                قلت: وعلى تقدير صحة وجود "الواو" يجاب عنه - أعني عن حديث حفصة الذي فيه الواو بأشياء:

                                                منها أن من أثبت "الواو" امرأة، ومسقطها جماعة كثيرة.

                                                ومنها موافقة مذهب عائشة لسقوط "الواو".

                                                ومنها مخالفة "الواو" للتلاق.

                                                ومنها: معارضة رواية حفصة برواية البراء بن عازب ؛ على ما يجيء عن قريب.

                                                ومنها: أن تكون "الواو" زائدة كما زيدت عند بعضهم في قوله تعالى: وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين

                                                [ ص: 326 ] وقوله: وكذلك نصرف الآيات

                                                وقوله: ولكن رسول الله وخاتم النبيين

                                                وقوله: إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وقال الأخفش في قوله تعالى: حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها إن الجواب فتحت.

                                                ومنها أن يكون العطف فيه كالعطف في قول الشاعر:


                                                إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم

                                                فقد وجد العطف ها هنا مع اتحاد الشخص، وعطف الصفات بعضها على بعض موجود في كلام العرب كثير، ويقال: إن العطف ها هنا من باب التخصيص والتفضيل كما في قوله تعالى: من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال

                                                وكقوله: فيهما فاكهة ونخل ورمان

                                                وكقوله: وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح

                                                فإن قيل: قد حصل التخصيص في العطف، وهو قوله: والصلاة الوسطى فوجب أن يكون العطف الثاني وهو قوله: "وصلاة العصر" مغايرا له.

                                                قلت: إن العطف الأول كما قلتم، والثاني للتأكيد والبيان لما اختلف اللفظان، كما تقول: جاءني زيد الكريم والعاقل، فتعطف إحدى الصفتين على الأخرى .




                                                الخدمات العلمية