الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3996 ) فصل : إذا جنى العبد المغصوب جناية أوجبت القصاص ، فاقتص منه ، فضمانه على الغاصب ; لأنه قد تلف في يديه ، فإن عفي عنه على مال ، تعلق ذلك برقبته ، وضمان ذلك على الغاصب ; لأنه نقص حدث في يده ، فلزمه ضمانه ; لأن ضمان العبد ونقصه على سيده ، ويضمنه بأقل الأمرين من قيمته أو أرش جنايته ، كما يفديه سيده . وإن جنى على ما دون النفس ، مثل أن قطع يدا فقطعت يده قصاصا ، فعلى الغاصب ما نقص العبد بذلك دون أرش اليد ; لأن اليد ذهبت بسبب غير مضمون ، فأشبه ما لو سقطت .

                                                                                                                                            وإن عفي عنه على مال ، تعلق أرش اليد برقبته ، وعلى الغاصب أقل الأمرين من قيمته أو أرش اليد ، فإن زادت جناية العبد على قيمته ، ثم إنه مات ، فعلى الغاصب قيمته ، يدفعها إلى سيده ، فإذا أخذها تعلق أرش الجناية بها ; لأنها كانت متعلقة بالعبد ، فتعلقت ببدله ، كما أن الرهن إذا أتلفه متلف ، وجبت قيمته ، وتعلق الدين بها ، فإذا أخذ ولي الجناية القيمة من المالك ، رجع المالك على الغاصب بقيمة أخرى ، لأن القيمة التي أخذها استحقت بسبب كان في يد الغاصب ، فكانت من ضمانه .

                                                                                                                                            ولو كان العبد وديعة ، فجنى جناية استغرقت قيمته ، ثم إن المودع قتله بعد ذلك ، وجبت عليه قيمته ، وتعلق بها أرش الجناية ، فإذا أخذها ولي الجناية ، لم يرجع على المودع ; لأنه جنى ، وهو غير مضمون عليه .

                                                                                                                                            ولو أن العبد جنى في يد سيده جناية تستغرق قيمته ، ثم غصبه غاصب ، فجنى في يده جناية تستغرق قيمته ، بيع في الجنايتين ، وقسم ثمنه بينهما ، ورجع صاحب العبد على الغاصب بما أخذه الثاني منهما ; لأن [ ص: 173 ] الجناية كانت في يده ، وكان للمجني عليه أولا أن يأخذه دون الثاني ; لأن الذي يأخذه المالك من الغاصب هو عوض ما أخذه المجني عليه ثانيا ، فلا يتعلق به حقه ، ويتعلق به حق الأول ; لأنه بدل عن قيمة الجاني لا يزاحم فيه ، فإن مات هذا العبد في يد الغاصب ، فعليه قيمته تقسم بينهما ، ويرجع المالك على الغاصب بنصف القيمة ; لأنه ضامن للجناية الثانية ، ويكون للمجني عليه أولا أن يأخذه ; لما ذكرناه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية