الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4017 ) فصل : ولا تثبت الشفعة في بيع الخيار قبل انقضائه ، سواء كان الخيار لهما أو لأحدهما وحده ، أيهما كان . وقال أبو الخطاب : يتخرج أن تثبت الشفعة ; لأن الملك انتقل ، فتثبت الشفعة في مدة الخيار ، كما بعد انقضائه . وقال أبو حنيفة : إن كان الخيار للبائع ، أو لهما ، لم تثبت الشفعة حتى ينقضي ; لأن في الأخذ بها إسقاط حق البائع من الفسخ ، وإلزام البيع في حقه بغير رضاه ، ولأن الشفيع إنما يأخذ من المشتري ، ولم ينتقل الملك إليه .

                                                                                                                                            وإن كان الخيار للمشتري ، فقد انتقل الملك إليه ، ولا حق لغيره فيه ، والشفيع يملك أخذه بعد لزوم البيع واستقرار الملك ، فلأن يملك ذلك قبل لزومه أولى ، وعامة ما يقدر ثبوت الخيار له ، وذلك لا يمنع الأخذ بالشفعة ، كما لو وجد به عيبا . وللشافعي قولان ، كالمذهبين .

                                                                                                                                            [ ص: 184 ] ولنا ، أنه مبيع فيه الخيار ، فلم تثبت فيه الشفعة ، كما لو كان للبائع ; وذلك لأن الأخذ بالشفعة يلزم المشتري بالعقد بغير رضاه ، ويوجب العهدة عليه ، ويفوت حقه من الرجوع في عين الثمن ، فلم يجز ، كما لو كان الخيار للبائع ، فإننا إنما منعنا من الشفعة لما فيه من إبطال خيار البائع ، وتفويت حق الرجوع عليه في عين مالهما ، وهما في نظر الشرع على السواء .

                                                                                                                                            وفارق الرد بالعيب ; فإنه إنما ثبت لاستدراك الظلامة ، وذلك يزول بأخذ الشفيع ، فإن باع الشفيع حصته في مدة الخيار ، عالما ببيع الأول ، سقطت شفعته ، وثبتت الشفعة فيما باعه للمشتري الأول ، في الصحيح من المذهب . وفي وجه آخر ، أنه يثبت للبائع ، بناء على الملك في مدة الخيار لمن هو منهما . وإن باعه قبل علمه بالبيع ، فكذلك . وهو مذهب الشافعي ; لأن ملكه زال قبل ثبوت الشفعة .

                                                                                                                                            ويتوجه على تخريج أبي الخطاب أن لا تسقط شفعته ، فيكون له على هذا أخذ الشقص من المشتري الأول ، وللمشتري الأول أن يأخذ الشقص الذي باعه الشفيع من مشتريه ; لأنه كان شريكا للشفيع حين بيعه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية