الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1953 ص: حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال: ثنا الوحاظي ، قال: ثنا إسحاق بن يحيى الكلبي ، قال: ثنا الزهري ، قال: كان كثير بن العباس يحدث: "أن عبد الله بن عباس

                                                [ ص: 358 ] - رضي الله عنهما - كان يحدث عن صلاة النبي - عليه السلام - يوم خسفت الشمس مثل ما حدث به عروة ، عن عائشة، ، فقال الزهري: : فقلت لعروة: : إن أخاك يوم خسفت الشمس بالمدينة لم يزد على ركعتين مثل صلاة الصبح، فقال: أجل، إنه أخطأ السنة".

                                                فهذا عروة 5 والزهري قد ذكرا عن عبد الله بن الزبير أنه صلى لكسوف الشمس ركعتين، وعبد الله بن الزبير رجل له صحبة، وقد حضره أصحاب رسول الله - عليه السلام - حينئذ فلم ينكر ذلك عليه منهم منكر.

                                                فأما قول عروة: " ( إنه أخطأ السنة" فإن ذلك عندنا ليس بشيء.

                                                التالي السابق


                                                ش: ذكر هذا أيضا تأكيدا لقوله: فكان قول النبي - عليه السلام - في حديث قبيصة ... إلى آخره، وتأييدا له، بيان ذلك: أن عروة بن الزبير ومحمد بن مسلم الزهري قد ذكرا عن عبد الله بن الزبير بن العوام - رضي الله عنهما -: "أن النبي صلى لكسوف الشمس ركعتين"، وعبد الله بن الزبير صحابي مشهور جليل، وقد فعل ذلك كذلك بحضرة أصحاب رسول الله - عليه السلام - فلم ينكر ذلك عليه أحد منهم، فصار كالإجماع على أن صلاة الكسوف ركعتان.

                                                قوله: "فأما قول عروة ... " إلى آخره، جواب عن سؤال مقدر تقريره أن يقال: كيف يكون ما ذكرتم عن عبد الله بن الزبير سنة والحال أن أخاه عروة قد قال: إنه أخطأ السنة؟

                                                والجواب: أن هذا القول من عروة ليس بشيء; لأن عبد الله بن الزبير ما فعل ذلك إلا عن علم، وعروة أنكر ما لم يعلم، وقد استوفينا الكلام فيه عن قريب.

                                                ثم إسناد حديث ابن عباس صحيح.

                                                والوحاظي هو يحيى بن صالح أبو زكرياء الدمشقي شيخ البخاري، ونسبته إلى وحاظة بن سعد بضم الواو وبالحاء المهملة والظاء المعجمة.

                                                وإسحاق بن يحيى الكلبي الحمصي روى له أبو داود والبخاري مستشهدا، والزهري هو محمد بن مسلم بن شهاب ، وكثير بن العباس بن عبد المطلب ابن عم

                                                [ ص: 359 ] النبي - عليه السلام -، ممن ولد على عهد النبي - عليه السلام - وذكره ابن حبان في "الثقات" من التابعين، وروى له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

                                                وأخرجه البخاري بعد إخراجه حديث عائشة من حديث ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة، قال: وكان يحدث كثير بن عباس: "أن عبد الله بن عباس كان يحدث يوم خسفت الشمس بمثل حديث عروة عن عائشة، فقلت لعروة: إن أخاك يوم خسفت بالمدينة لم يزد على ركعتين مثل الصبح، قال: أجل; لأنه أخطأ السنة".

                                                وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي أيضا.




                                                الخدمات العلمية