[ ص: 611 ] وقد اختلفوا في جواز  تعدد العلل مع اتحاد الحكم   ، فإن كان الاتحاد بالنوع ، مع الاختلاف بالشخص ، كتعليل إباحة قتل زيد بردته ، وقتل عمرو بالقصاص ، وقتل خالد بالزنا مع الإحصان ، فقد اتفقوا على الجواز ، وممن نقل الاتفاق على ذلك   الأستاذ أبو منصور البغدادي  ،   والآمدي  والصفي الهندي     .  
وأما إذا كان الاتحاد بالشخص ، فقيل : لا خلاف في امتناعه بعلل عقلية .  
وحكى القاضي الخلاف في ذلك فقال : ثم اختلفوا إذا وجب الحكم العقلي بعلتين ، فقيل : لا يرتفع إلا بارتفاعهما جميعا .  
وقيل : يرتفع بارتفاع إحداهما .  
وأما تعدد العلل الشرعية ، مع الاتحاد في الشخص ، كتعليل قتل زيد بكونه من يجب عليه فيه القصاص ، وزنى مع الإحصان ، فإن كل واحد منهما يوجب القتل بمجرده ، فهل يصح تعليل إباحة دمه بهما معا أم لا ؟ اختلفوا في ذلك على مذاهب :  
( الأول ) : المنع مطلقا ، منصوصة كانت أو مستنبطة .  
حكاه القاضي  عبد الوهاب  عن متقدمي أصحابهم ، وجزم به  الصيرفي ،  واختاره   الآمدي ،  ونقله القاضي ،   وإمام الحرمين     .  
( الثاني ) : الجواز مطلقا ، وإليه ذهب الجمهور ، كما حكاه القاضي في التقريب .  
قال : وبهذا نقول ; لأن العلل علامات وأمارات على الأحكام ، لا موجبة لها ، فلا يستحيل ذلك .  
قال ابن برهان في الوجيز : إنه الذي استقر عليه رأي   إمام الحرمين     .  
( الثالث ) : الجواز في المنصوصة دون المستنبطة ، وإليه ذهب   أبو بكر بن فورك  ،   والفخر الرازي  ، وأتباعه .  
وذكر   إمام الحرمين  أن القاضي يميل إليه ، وكلام   إمام الحرمين  هذا هو الذي اعتمده      [ ص: 612 ]  ابن الحاجب  في نقل هذا المذهب عن القاضي ، كما صرح به مختصر المنتهى ، ولكن النقل عن القاضي مختلف كما عرفته .  
( الرابع ) : الجواز في المستنبطة دون المنصوصة ، حكاه   ابن الحاجب  في مختصر المنتهى ،  وابن المنير  في شرحه للبرهان ، وهو قول غريب .  
والحق ما ذهب إليه الجمهور من الجواز .  
وكما ذهبوا إلى الجواز فقد ذهبوا أيضا إلى الوقوع ، ولم يمنع ذلك عقل ولا شرع .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					