المسلك الثاني  
النص على العلة   
قال في المحصول : ونعني بالنص ما يكون دلالته على العلة ظاهرة ، سواء كانت قاطعة أو محتملة .  
أما القاطع : فما يكون صريحا ، وهو قولنا لعلة كذا ، أو لسبب كذا ، أو لمؤثر كذا ، أو لموجب كذا ، أو لأجل كذا كقوله تعالى :  من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل      . وأما الذي لا يكون قاطعا فثلاثة اللام ، وإن ، والباء .  
 [ ص: 615 ] أما اللام فكقولنا : ثبت لكذا ، كقوله تعالى :  وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون   
وأما " إن " فكقوله - صلى الله عليه وسلم - :  إنها من الطوافين  
وأما الباء فكقوله تعالى :  ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله   
هذا حاصل كلامه .  
قال الإمام   الشافعي     : متى وجدنا في كلام الشارع ما يدل على نصبه أدلة وإعلاما ابتدرنا إليه ، وهو أولى ما يسلك .  
واعلم أنه لا خلاف في الأخذ بالعلة إذا كانت منصوصة ، وإنما اختلفوا هل الأخذ بها من باب القياس ، أم من العمل بالنص ؟  
فذهب إلى الأول الجمهور ، وذهب إلى الثاني النافون للقياس ، فيكون الخلاف على هذا لفظيا ، وعند ذلك يهون الخطب ، ويصغر ما استعظم من الخلاف في هذه المسألة .  
قال   ابن فورك     : إن الأخذ بالعلة المنصوصة ليس قياسا ، وإنما هو استمساك بنص لفظ الشارع ، فإن لفظ التعليل إذا لم يقبل التأويل عن كل ما تجري العلة فيه; كان المتعلق به مستدلا بلفظ قاض بالعموم .  
واعلم أن التعليل قد يكون مستفادا من حرف من حروفه ، وهي كي ، واللام ، وإذن ، ومن ، والباء ، والفاء ، وإن ، ونحو ذلك ، وقد يكون مستفادا من اسم من أسمائه ، وهي : لعلة كذا ، لموجب كذا ، بسبب كذا ، لمؤثر كذا ، لأجل كذا ،      [ ص: 616 ]    ( لجراء كذا ، لعلم كذا ) بمقتضى كذا ، ونحو ذلك ، وقد يكون مستفادا من فعل من الأفعال الدالة على ذلك ، كقوله : عللت بكذا ، وشبهت كذا بكذا ، ونحو ذلك ، وقد يكون مستفادا من السياق ، فإنه قد يدل على العلة كما يدل على غيرها .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					