وقد قسموا  النص على العلة   إلى صريح ، وظاهر .  
قال   الآمدي     : فالصريح هو الذي لا يحتاج فيه إلى نظر واستدلال ، بل يكون اللفظ موضوعا في اللغة له .  
قال  الإبياري     : ليس المراد بالصريح المعنى الذي لا يقبل التأويل ، بل المنطوق بالتعليل فيه ، على حسب دلالة اللفظ الظاهر على المعنى ، انتهى .  
ثم  الصريح   ينقسم إلى أقسام :  
أعلاها أن يقول : لعلة كذا ، أو لسبب كذا ، أو نحو ذلك ، وبعده أن يقول : لأجل كذا ، أو من أجل كذا .  
قال  ابن السمعاني     : وهو دون ما قبله ; لأن لفظ العلة تعلم به العلة من غير واسطة ، بخلاف قوله : " لأجل " ، فإنه يفيد معرفة العلة ، بواسطة أن العلة ما لأجلها الحكم ، والدال بلا واسطة أقوى ، وكذا قال  الأصفهاني     .  
وبعده أن يقول : كي يكون كذا ، فإن  الجويني  في البرهان جعلها من الصريح ، وخالفه  الرازي     .  
وبعده إذا ، فإن   أبا إسحاق الشيرازي  ،   والغزالي  ، جعلاه من الصريح ، وجعله  الجويني  في البرهان من الظاهر .  
وبعده ذكر المفعول له نحو : ضربته تأديبا .  
 [ ص: 617 ] وأما  الظاهر      : فينقسم إلى أقسام أعلاها اللام ، ثم " أن " المفتوحة المخففة ، ثم " إن " المكسورة الساكنة ، بناء على أن الشروط اللغوية أسباب ، ثم " إن " المشددة كقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - :  إنها من الطوافين عليكم     .  
قال صاحب التنقيح : كذا عدوها من هذا القسم ، والحق أنها لتحقيق الفعل ، ولا حظ لها في التعليل ، والتعليل في الحديث مفهوم من سياق الكلام .  
وقد نقل  الإبياري  إجماع النحاة على أنها لا ترد للتعليل ، قال : وهي في قوله :  إنها من الطوافين عليكم  للتأكيد; لأن علة طهارة سؤرها هي الطواف ، ولو قدرنا مجيء قوله :  من الطوافين  بغير " إن " لأفاد التعليل ، فلو كانت للتعليل لعدمت بعدمها ، ولا يمكن أن يكون التقدير لأنها ، وإلا لوجب فتحها ، ولاستفيد التعليل من اللام .  
ثم " الباء " قال  ابن مالك :  وضابطه أن يصلح غالبا في موضعها اللام ، كقوله تعالى :  ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله   وقوله سبحانه :  فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم   وجعل من ذلك   الآمدي  والصفي الهندي  قوله تعالى :  جزاء بما كانوا يعملون   ونسبه بعضهم إلى  المعتزلة ،   وقيل : هي المقابلة ، كقولك : هذا بذلك; لأن المعطي بعوض قد يعطي مجانا .  
ثم " الفاء " : إذا علق بها الحكم على الوصف ، وذلك نوعان :  
( أحدهما ) : أن يدخل على السبب والعلة ، ويكون الحكم متقدما كقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - :  لا تخمروا رأسه ، فإنه يبعث ملبيا  
( الثاني ) : أن يدخل على الحكم ، وتكون العلة متقدمة ، كقوله تعالى :      [ ص: 618 ] الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة   والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما   
لأن التقدير من زنى فاجلدوه ، ومن سرق فاقطعوه .  
ثم " لعل " على رأي الكوفيين من النحاة ، قالوا : إنها في كلام الله للتعليل المحض ، مجردة عن معنى الترجي; لاستحالته عليه .  
ثم " إذ " : ذكره  ابن مالك  نحو :  وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف      .  
ثم " حتى " : كما ذكره  ابن مالك  نحو قوله تعالى :  حتى يعطوا الجزية   ،  حتى نعلم المجاهدين منكم   حتى لا تكون فتنة   ولا يخفى ما في عد هذه الثلاثة المتأخرة من جملة دلائل التعليل من الضعف الظاهر .  
وقد عد منها صاحب التنقيح " لا جرم " نحو "  لا جرم أن لهم النار      " وعد أيضا جميع أدوات الشروط والجزاء . وعد   إمام الحرمين  منها " الواو " وفي هذا من الضعف ما لا يخفى على عارف بمعاني اللغة العربية .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					