وهو أن يذكر دليل من الكتاب أو السنة على التعليل بالوصف بلفظ موضوع له في اللغة من غير احتياج فيه إلى نظر واستدلال ، وهو قسمان :
الأول : ما صرح فيه بكون الوصف علة أو سببا للحكم الفلاني ، وذلك كما لو قال : العلة كذا أو السبب كذا .
[1] القسم الثاني : ما ورد فيه حرف من حروف التعليل كاللام ، وكي ، ومن ، وإن ، والباء .
أما ( اللام ) فكقوله تعالى : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس ) أي : زوال الشمس ، وكقوله تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ، وكقوله - عليه السلام - : ( ) كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي لأجل الدافة [2] أي القوافل السيارة .
وذلك يدل على التعليل بالوصف الذي دخلت عليه ( اللام ) لتصريح أهل اللغة بأنها للتعليل .
وأما ( كي ) فكقوله تعالى : ( كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ) أي : كي لا تبقى الدولة بين الأغنياء ، بل تنتقل إلى غيرهم .
وأما ( من ) فكقوله تعالى : ( من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل ) .
وأما ( إن ) فكقوله - عليه السلام - في قتلى أحد : ( ) زملوهم بكلومهم فإنهم يحشرون يوم القيامة وأوداجهم تشخب دما ، اللون لون الدم والريح ريح المسك [3] ، وكقوله - عليه السلام - في حق محرم وقصت به ناقته : " " . لا تخمروا [ ص: 253 ] رأسه ولا تقربوه طيبا فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا
[4] وأما ( الباء ) فكقوله تعالى : ( جزاء بما كانوا يعملون ) .
فهذه هي الصيغ الصريحة في التعليل وعند ورودها يجب اعتقاد التعليل ، إلا أن يدل الدليل على أنها لم يقصد بها التعليل فتكون مجازا فيما قصد بها ، وذلك في ( اللام ) كما لو قيل : ( لم فعلت كذا ؟ ) فقال : ( لأني قصدت أن أفعل ) وكما في قول القائل : ( أصلي لله ) وقول الشاعر : (
لدوا للموت وابنوا للخراب
) [5] فقصد الفعل لا يصلح أن تكون علة للفعل وغرضا له ، وكذلك ذات الله تعالى لا تصلح أن تكون علة للصلاة ولا الموت علة للولادة ولا الخراب علة للبناء ، بل علة الفعل ما يكون باعثا على الفعل ، وهي الأشياء التي تصلح أن تكون بواعث ، وكما في قوله تعالى : ( يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين ) ، ( ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ) ، وليس كل من شاق الله ورسوله يخرب بيته ، فليست المشاقة علة لخراب البيت اللهم إلا أن يحمل لفظ الخراب على استحقاق الخراب ، أو على استحقاق العذاب فإنه يكون معللا بالمشاقة .