الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          الفصل الثالث

          زعم بعض أصحابنا أن الشبهي إذا اعتبر جنسه في جنس الحكم دون اعتبار عينه في عينه لا يكون حجة ، بخلاف الوصف المناسب ; مصيرا منه إلى أن الشبهي إذا ظهر تأثير عينه في عين الحكم فالظن المستفاد منه في أدنى درجات الظن ، فإذا انحط عن هذه الرتبة إلى رتبة اعتبار الجنس في الجنس فقد اضمحل الظن بالكلية ; لأنه ليس تحت أدنى درجات الظن درجة سوى ما ليس بظن ، وما ليس بمظنون لا يكون حجة ، وهذا بخلاف المناسب فإن الظن المستفاد منه باعتبار العين في العين قوي جدا ، فنزوله عن هذه الرتبة إلى رتبة اعتبار الجنس في الجنس وإن فات معه ذلك الظن الغالب ، فقد بقي له أصل الظن فكان حجة .

          [ ص: 298 ] وأيضا فإن الوصف الشبهي إنما صار شبهيا باعتبار الشارع له في جنس الحكم المعلل ، وذلك في إفادة الظن دون المناسب المرسل ، والمناسب المرسل ليس بحجة لما سيأتي تقريره [1] فما هو دونه أولى أن لا يكون حجة ، وهذا بخلاف المناسب المتأيد بشهادة الجنس في الجنس فإنه فوق المناسب المرسل ، فلا يلزم من كون المرسل ليس بحجة أن يكون ذلك ليس بحجة .

          ولقائل أن يقول : أما الأول فهو مبني على أن الشبهي بشهادة العين في العين في أدنى درجات الظنون ، وهو غير مسلم ، بل للخصم أن يقول : ما هو في أدنى درجات الظنون إنما هو الشبهي المتأيد بشهادة الجنس في الجنس ، والنزول عن تلك الدرجة إلى ما دونها [2] لا يوجب انمحاق الظن بالكلية كما قيل .

          وأما الثاني : فهو وإن سلم أن الشبهي إنما صار شبهيا بالتفات الشارع إليه في بعض الأحكام ، وأنه أدنى من المناسب المرسل من حيث إن مناسبة المرسل ظاهرة ومناسبة الشبهي غير ظاهرة بل موهومة متردد فيها ، غير أن الشبهي بعد أن ثبت كونه شبهيا بالتفات الشارع إليه في بعض الأحكام إذا رأينا الشارع قد اعتبر جنسه في جنس الحكم المعلل فقد صار معتبرا ، ولا كذلك المرسل فإنه غير معتبر ، ولا يلزم من عدم الاحتجاج بما ليس معتبرا عدم الاحتجاج بالمعتبر .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية