القسم السادس : أن كقوله - عليه السلام - : " يذكر الشارع مع الحكم وصفا مناسبا " فإنه يشعر بكون الغضب علة مانعة من القضاء لما فيه من تشويش الفكر واضطراب الحال ، وكذلك إذا قال : أكرم العالم وأهن الجاهل ، فإنه يسبق إلى الفهم منه أن العلم علة للإكرام والجهل علة للإهانة ، وذلك لوجهين : لا يقضي القاضي وهو غضبان
الأول : ما ألف من عادة الشارع من اعتبار المناسبات دون إلغائها ، فإذا قرن بالحكم في لفظه وصفا مناسبا غلب على الظن اعتباره له .
الثاني : ما علمنا من حال الشارع أنه لا يرد بالحكم خليا عن الحكمة ; إذ الأحكام إنما شرعت لمصالح العبيد وليس ذلك بطريق الوجوب إلى جري العادة المألوفة من شرع الأحكام [1] فإذا ذكر مع الحكم وصفا مناسبا غلب [ ص: 261 ] على الظن أنه علة له إلا أن يدل الدليل على أنه لم يرد به ما هو الظاهر منه فيجوز تركه .
وذلك كما في قوله : ( ) فإنه وإن دل بظاهره على أن مطلق الغضب علة فجواز القضاء مع الغضب اليسير يدل على أن مطلق الغضب ليس بعلة ، بل الغضب المانع من استيفاء النظر . لا يقضي القاضي وهو غضبان
وإذا عرفت أقسام الوصف المومأ إليه ترتب عليه النظر في مسألتين .