المسألة الثانية
اتفقوا على صحة كالأمثلة السابق ذكرها . الإيماء فيما إذا كان حكم الوصف المومأ إليه مدلولا عليه بصريح اللفظ
وأما إذا كان اللفظ يدل على الوصف بصريحه والحكم مستنبط غير مصرح به كما في قوله تعالى : ( وأحل الله البيع وحرم الربا ) فإن اللفظ بصريحه يدل على الحل والصحة مستنبطة منه .
ووجه استنباط الصحة منه أنه لو لم يكن البيع صحيحا لم يكن مثمرا ; إذ هو معنى نفي الصحة ، وإذا لم يكن مثمرا مفيدا كان تعاطيه عبثا ، والعبث مكروه والمكروه لا يحل ، وعند ذلك فيلزم من الحل الصحة لتعذر الحل مع انتفاء الصحة .
وهذا [1] مما اختلف في كونه مومأ إليه ، فذهب قوم إلى امتناع الإيماء تمسكا منهم بأن الإيماء إنما يتحقق إذا دل اللفظ بوضعه على الوصف والحكم كما سبق من الأمثلة .
وأما إذا دل على الوصف بالوضع وكان الحكم مستنبطا منه ، فلا يدل ذلك على كونه مومأ إليه ، كما إذا دل اللفظ على الحكم بوضعه وكان الوصف مستنبطا منه ، فإنه لا يدل على الإيماء إلى الوصف ، وذلك كما في قوله - عليه السلام - : " حرمت الخمرة لعينها " [2] فإنه يدل على الحكم وهو التحريم وضعا ، والشدة المطربة علة مستنبطة منه وليست مومأ إليها .
[ ص: 263 ] وذهب المحققون إلى كونه مومأ إليه وهو الحق .
وذلك لأنه إذا كان اللفظ بصريحه يدل على الوصف وهو الحل ، والصحة لازمة له لما تقرر ، فإثبات الحل وضعا يدل على إرادة ثبوت الصحة ضرورة كونها لازمة للحل فيكون ثابتا بإثبات الشارع له مع وصف الحل ، وإثبات الشارع للحكم مقترنا بذكر وصف مناسب دليل الإيماء إلى الوصف ، كما لو ذكر معه الحكم بلفظ يدل عليه وضعا ضرورة تساويهما في الثبوت ، وإن اختلفا في طريق الثبوت بأن كان أحدهما ثابتا بدلالة اللفظ وضعا ، والآخر مستنبطا من مدلول اللفظ وضعا ; لأن الإيماء إنما كان مستفادا عند ذكر الحكم والوصف بطريق الوضع من جهة اقتران الحكم بالوصف لا من جهة كون الحكم ثابتا بطريق الوضع ، وهذا بخلاف ما إذا كان الحكم مدلولا عليه وضعا والوصف مستنبط منه ، وذلك لأن الوصف المستنبط من الحكم المصرح به كما في المثال المذكور لم يكن وجوده لازما من الحكم المصرح به ، ولا مناسبته لتحققه قبل شرع الحكم بخلاف الصحة مع الحل كما تقدم تحقيقه .
والمعتبر في الإيماء أن يكون الوصف المومأ إليه مذكورا في كلام الشارع مع الحكم أو لازما من مدلول كلامه [3] ، والأمران مفقودان في الوصف المستنبط بخلاف الحل مع الصحة .
[4]