[ ص: 166 ] أي عن تركهم إياها والتخلف عنها . يقال : ودع الشيء يدعه ودعا ، إذا تركه . والنحاة يقولون : إن العرب أماتوا ماضي يدع ، ومصدره ، واستغنوا عنه بترك . والنبي صلى الله عليه وسلم أفصح . وإنما يحمل قولهم على قلة استعماله ، فهو شاذ في الاستعمال ، صحيح في القياس . وقد جاء في غير حديث ، حتى قرئ به قوله تعالى ما ودعك ربك وما قلى بالتخفيف .
( س ه ) ومنه الحديث " إذا لم ينكر الناس المنكر فقد تودع منهم " أي أسلموا إلى ما استحقوه من النكير عليهم ، وتركوا وما استحبوه من المعاصي ، حتى يكثروا منها فيستوجبوا العقوبة .
وهو من المجاز ، لأن المعتني بإصلاح شأن الرجل إذا يئس من صلاحه تركه واستراح من معاناة النصب معه .
ويجوز أن يكون من قولهم : تودعت الشيء ، إذا صنته في ميدع ، يعني قد صاروا بحيث يتحفظ منهم ويتصون ، كما يتوقى شرار الناس .
ومنه حديث علي " إذا مشت هذه الأمة السميهاء فقد تودع منها " .
( س ) ومنه الحديث " " أي اتركوها ورفهوا عنها إذا لم تحتاجوا إلى ركوبها ، وهو افتعل ، من ودع بالضم وداعة ودعة : أي سكن وترفه ، وايتدع فهو متدع : أي صاحب دعة ، أو من ودع ، إذا ترك . يقال : اتدع وايتدع ، على القلب والإدغام والإظهار . اركبوا هذه الدواب سالمة ، وايتدعوها سالمة
( ه ) ومنه الحديث " صلى معه عبد الله بن أنيس وعليه ثوب متمزق فلما انصرف دعا له بثوب ، فقال : تودعه بخلقك هذا " أي صنه به ، يريد البس هذا الذي دفعت [ ص: 167 ] إليك في أوقات الاحتفال والتزين . والتوديع : أن تجعل ثوبا وقاية ثوب آخر ، وأن تجعله أيضا في صوان يصونه .
( س ) وفي حديث الخرص . إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث ، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع
قال الخطابي : ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يترك لهم من عرض المال ، توسعة عليهم ; لأنه إن أخذ الحق منهم مستوفى أضر بهم ، فإنه يكون منه الساقطة والهالكة وما يأكله الطير والناس . وكان عمر يأمر الخراص بذلك . وقال بعض العلماء : لا يترك لهم شيء شائع في جملة النخل ، بل يفرد لهم نخلات معدودة قد علم مقدار ثمرها بالخرص .
وقيل : معناه أنهم إذا لم يرضوا بخرصكم فدعوا لهم الثلث أو الربع ، ليتصرفوا فيه ويضمنوا حقه ، ويتركوا الباقي إلى أن يجف ويؤخذ حقه ، لا أنه يترك لهم بلا عوض ولا إخراج .
( ه ) ومنه الحديث أي اترك منه في الضرع شيئا يستنزل اللبن ، ولا تستقص حلبه . دع داعي اللبن
( ه ) وفي حديث طهفة " لكم يا بني نهد ودائع الشرك " أي العهود والمواثيق . يقال : توادع الفريقان ، إذا أعطى كل واحد منهما الآخر عهدا ألا يغزوه . واسم ذلك العهد : الوديع يقال : أعطيته وديعا : أي عهدا .
وقيل : يحتمل أن يريد بها ما كانوا استودعوه من أموال الكفار الذين لم يدخلوا في الإسلام : أراد إحلالها لهم ; لأنها مال كافر قدر عليه من غير عهد ولا شرط . ويدل عليه قوله في الحديث : " ما لم يكن عهد ولا موعد " .
( س ) ومنه الحديث " أنه وادع بني فلان " أي صالحهم وسالمهم على ترك الحرب والأذى . وحقيقة الموادعة : المتاركة ، أي يدع كل واحد منها ما هو فيه .
ومنه الحديث " وكان كعب القرظي موادعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم " .
[ ص: 168 ] * وفي حديث الطعام " أي غير متروك الطاعة . وقيل : هو من الوداع ، وإليه يرجع . " غير مكفور ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا
( ه ) وفي شعر العباس يمدح النبي صلى الله عليه وسلم :
من قبلها طبت في الظلال وفي مستودع حيث يخصف الورق
المستودع : المكان الذي تجعل فيه الوديعة . يقال : استودعته وديعة ، إذا استحفظته إياها ، وأراد به الموضع الذي كان به آدم وحواء من الجنة . وقيل : أراد به الرحم .( ه ) وفيه " الودع ، بالفتح والسكون : جمع ودعة ، وهو شيء أبيض يجلب من البحر يعلق في حلوق الصبيان وغيرهم . وإنما نهى عنها لأنهم كانوا يعلقونها مخافة العين . " من تعلق ودعة لا ودع الله له
وقوله : " " : أي لا جعله في دعة وسكون . لا ودع الله له
وقيل : هو لفظ مبني من الودعة : أي لا خفف الله عنه ما يخافه .