الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( نفس ) ( هـ ) فيه إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن وفي رواية أجد نفس ربكم قيل : عنى به الأنصار ; لأن الله نفس بهم الكرب عن المؤمنين ، وهم يمانون ; لأنهم من الأزد . وهو مستعار من نفس الهواء الذي يرده التنفس إلى الجوف فيبرد من حرارته ويعدلها ، أو من نفس الريح الذي يتنسمه فيستروح إليه ، أو من نفس الروضة ، وهو طيب روائحها ، فيتفرج به عنه . يقال : أنت في نفس من أمرك ، واعمل وأنت في نفس من عمرك : أي في سعة وفسحة ، قبل المرض والهرم ونحوهما .

                                                          [ ص: 94 ] ( هـ ) ومنه الحديث لا تسبوا الريح ، فإنها من نفس الرحمن يريد بها أنها تفرج الكرب ، وتنشئ السحاب ، وتنشر الغيث ، وتذهب الجدب .

                                                          قال الأزهري : النفس في هذين الحديثين اسم وضع موضع المصدر الحقيقي ، من نفس ينفس تنفيسا ونفسا ، كما يقال : فرج يفرج تفريجا وفرجا ، كأنه قال : أجد تنفيس ربكم من قبل اليمن ، وإن الريح من تنفيس الرحمن بها عن المكروبين .

                                                          قال العتبي : هجمت على واد خصيب وأهله مصفرة ألوانهم ، فسألتهم عن ذلك ، فقال شيخ منهم : ليس لنا ريح .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث من نفس عن مؤمن كربة أي فرج .

                                                          ( س ) ومنه الحديث ثم يمشي أنفس منه أي أفسح وأبعد قليلا .

                                                          والحديث الآخر من نفس عن غريمه أي أخر مطالبته .

                                                          ومنه حديث عمار " لقد أبلغت وأوجزت ، فلو كنت تنفست " أي أطلت . وأصله أن المتكلم إذا تنفس استأنف القول ، وسهلت عليه الإطالة .

                                                          ( س ) وفيه بعثت في نفس الساعة أي بعثت وقد حان قيامها وقرب ، إلا أن الله أخرها قليلا ، فبعثني في ذلك النفس ، فأطلق النفس على القرب .

                                                          وقيل معناه أنه جعل للساعة نفسا كنفس الإنسان ، أراد إني بعثت في وقت قريب منها أحس فيه بنفسها ، كما يحس بنفس الإنسان إذا قرب منه . يعني بعثت في وقت بانت أشراطها فيه وظهرت علاماتها .

                                                          ويروى " في نسم الساعة " وقد تقدم .

                                                          ( هـ ) وفيه أنه نهى عن التنفس في الإناء .

                                                          ( هـ ) وفي حديث آخر أنه كان يتنفس في الإناء ثلاثا يعني في الشرب . الحديثان صحيحان ، وهما باختلاف تقديرين : أحدهما أن يشرب وهو يتنفس في الإناء من غير أن يبينه عن فيه ، وهو مكروه . والآخر أن يشرب من الإناء بثلاثة أنفاس يفصل فيها فاه عن الإناء . يقال : أكرع في الإناء نفسا أو نفسين ، أي جرعة أو جرعتين .

                                                          [ ص: 95 ] وفي حديث عمر " كنا عنده فتنفس رجل " أي خرج من تحته ريح . شبه خروج الريح من الدبر بخروج النفس من الفم .

                                                          ( هـ ) وفيه ما من نفس منفوسة إلا قد كتب رزقها وأجلها أي مولودة . يقال : نفست المرأة ونفست ، فهي منفوسة ونفساء ، إذا ولدت . فأما الحيض فلا يقال فيه إلا نفست ، بالفتح .

                                                          * ومنه الحديث " أن أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر " والنفاس : ولاد المرأة إذا وضعت .

                                                          * ومنه الحديث " فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب " أي خرجت من أيام ولادتها . وقد تكرر في الحديث .

                                                          ( س ) ومن الأول حديث عمر " أنه أجبر بني عم على منفوس " أي ألزمهم إرضاعه وتربيته .

                                                          ( س ) وحديث أبي هريرة " أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى على منفوس " أي طفل حين ولد ، والمراد أنه صلى عليه ولم يعمل ذنبا .

                                                          ( هـ ) وحديث ابن المسيب " لا يرث المنفوس حتى يستهل صارخا " أي حتى يسمع له صوت .

                                                          ( هـ ) وفي حديث أم سلمة قالت : حضت فانسللت ، فقال : ما لك ، أنفست ؟ أي أحضت . وقد نفست المرأة تنفس ، بالفتح ، إذا حاضت . وقد تكرر ذكرها بمعنى الولادة والحيض .

                                                          * وفيه أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم ، فتنافسوها كما تنافسوها التنافس من المنافسة ، وهي الرغبة في الشيء والانفراد به ، وهو من الشيء النفيس الجيد في نوعه . ونافست في الشيء منافسة ونفاسا ، إذا رغبت فيه . ونفس بالضم نفاسة : أي صار مرغوبا فيه . ونفست به ، بالكسر : أي بخلت به . ونفست عليه الشيء نفاسة ، إذا لم تره له أهلا .

                                                          [ ص: 96 ] ومنه حديث علي " لقد نلت صهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما نفسناه عليك " .

                                                          ( س ) وحديث السقيفة " لم ننفس عليك " أي لم نبخل .

                                                          ( س ) وحديث المغيرة " سقيم النفاس " أي أسقمته المنافسة والمغالبة على الشيء .

                                                          ( هـ ) وفي حديث إسماعيل - عليه السلام - " أنه تعلم العربية وأنفسهم " أي أعجبهم . وصار عندهم نفيسا . يقال : أنفسني في كذا : أي رغبني فيه .

                                                          ( هـ ) وفيه أنه نهى عن الرقية إلا في النملة والحمة والنفس النفس : العين . يقال : أصابت فلانا نفس : أي عين . جعله القتيبي من حديث ابن سيرين وهو حديث مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أنس .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث " أنه مسح بطن رافع ، فألقى شحمة خضراء ، فقال : إنه كان فيها أنفس سبعة " يريد عيونهم . ويقال للعائن : نافس .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث ابن عباس " الكلاب من الجن ، فإن غشيتكم عند طعامكم فألقوا لهن ; فإن لهن أنفسا وأعينا " .

                                                          ( هـ ) وفي حديث النخعي " كل شيء ليست له نفس سائلة ، فإنه لا ينجس الماء إذا سقط فيه " أي دم سائل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية