فالأول الطروق . ويقال إنه إتيان المنزل ليلا . قالوا : ورجل طرقة ، إذا كان يسري حتى يطرق أهله ليلا . وذكر أن ذلك يقال بالنهار أيضا ، والأصل الليل . والدليل على أن الأصل الليل تسميتهم النجم طارقا ; لأنه يطلع ليلا . قالوا : وكل من أتى ليلا فقد طرق . قالت :
نحن بنات طارق
[ ص: 450 ] وهو قول امرأة . تريد : إن أبانا نجم في شرفه وعلوه . ومن الباب - والله أعلم - الطريق ; لأنه يتورد . ويجوز أن يكون من أصل آخر ، وهو الذي ذكرناه من خصف الشيء فوق الشيء .ومن الباب الأول قولهم : أتيته طرقتين ، أي مرتين . ومنه طارقة الرجل ، وهو فخذه التي هو منها ; وسميت طارقة لأنها تطرقه ويطرقها . قال :
شكوت ذهاب طارقتي إليه وطارقتي بأكناف الدروب
لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى ولا زاجرات الطير ما الله صانع
[ ص: 451 ]
عاذل قد أولعت بالترقيش إلي سرا فاطرقي وميشي
والأصل الثالث : استرخاء الشيء . من ذلك الطرق ، وهو لين في ريش الطائر . قال الشاعر :
. . . . . . . . . . . .
ومنه أطرق فلان في نظره . والمطرق : المسترخي العين . قال :
وما كنت أخشى أن تكون وفاته بكفي سبنتى أزرق العين مطرق
فأطرق إطراق الشجاع ولو يرى مساغا لناباه الشجاع لصمما
والأصل الرابع : خصف شيء على شيء . يقال : نعل مطارقة ، أي مخصوفة . وخف مطارق ، إذا كان قد ظوهر له نعلان . وكل خصفة طراق . وترس مطرق ، إذا طورق بجلد على قدره . ومن هذا الباب الطرق ، وهو الشحم والقوة ، وسمي بذلك لأنه شيء كأنه خصف به . يقولون : ما به طرق ، أي ما به قوة . قال أبو محمد عبد الله بن مسلم : أصل الطرق الشحم ; لأن القوة أكثر ما تكون [ عنه ] . ومن هذا الباب الطرق : مناقع المياه ; وإنما سميت بذلك تشبيها بالشيء يتراكب بعضه على بعض . كذلك الماء إذا دام تراكب . قال رؤبة :
للعد إذ أخلفه ماء الطرق
ومن الباب ، وقد ذكرناه أولا وليس ببعيد أن يكون من هذا القياس : الطريق ; وذلك أنه شيء يعلو الأرض ، فكأنها قد طورقت به وخصفت به . ويقولون : تطارقت الإبل ، إذا جاءت يتبع بعضها بعضا . وكذلك الطريق ، وهو النخل الذي على صف واحد ، وهذا تشبيه ، كأنه شبه بالطريق في تتابعه وعلوه الأرض . قال الأعشى :[ ص: 453 ]
ومن كل أحوى كجذع الطريق يزين الفناء إذا ما صفن
ومما يشبه هذا قولهم طرقت القطاة ، إذا عسر عليها بيضها ففحصت الأرض بجؤجئها .