الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4042 ) فصل : فأما الولي ، فإن كان للصبي حظ في الأخذ بها ، مثل أن يكون الشراء رخيصا ، أو بثمن المثل وللصبي مال لشراء العقار ، لزم وليه الأخذ بالشفعة ; لأن عليه الاحتياط له ، والأخذ بما فيه الحظ ، فإذا أخذ بها ، ثبت الملك للصبي ، ولم يملك نقضه بعد البلوغ ، في قول أكثر أهل العلم ، منهم مالك ، والشافعي ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                            وقال الأوزاعي : ليس للولي الأخذ بها ; لأنه لا يملك العفو عنها ، فلا يملك الأخذ بها ، كالأجنبي ، وإنما يأخذ بها الصبي إذا كبر . ولا يصح هذا ; لأنه خيار جعل لإزالة الضرر عن المال ، فملكه الولي في حق الصبي ، كالرد بالعيب ، وقد ذكرنا فساد قياسه فيما مضى .

                                                                                                                                            فإن تركها الولي مع الحظ فللصبي الأخذ بها إذا كبر ، ولا يلزم الولي لذلك غرم ; لأنه لم يفوت شيئا من ماله ، وإنما ترك تحصيل ماله الحظ فيه ، فأشبه ما لو ترك شراء العقار له مع الحظ في شرائه ، وإن كان الحظ في تركها ، مثل أن يكون المشتري قد غبن ، أو كان في الأخذ بها يحتاج إلى أن يستقرض ويرهن مال الصبي ، فليس له الأخذ ; لأنه لا يملك فعل ما لا حظ للصبي فيه .

                                                                                                                                            فإن أخذ ، فهل يصح ؟ على روايتين ; إحداهما ، لا يصح ، ويكون باقيا على ملك المشتري ; لأنه اشترى له ما لا يملك شراءه ، فلم يصح ، كما لو اشترى بزيادة كثيرة على ثمن المثل ، أو اشترى معيبا يعلم عيبه ، ولا يملك الولي المبيع ; لأن الشفعة تؤخذ بحق الشركة ، ولا شركة للولي ، ولذلك لو أراد الأخذ لنفسه ، لم يصح ، فأشبه ما لو تزوج لغيره بغير إذنه ، فإنه يقع باطلا ، ولا يصح لواحد منهما كذا هاهنا .

                                                                                                                                            وهذا مذهب الشافعي . والرواية الثانية ، يصح الأخذ للصبي ; لأنه اشترى له ما يندفع عنه الضرر به ، فصح ، كما لو اشترى معيبا لا يعلم عيبه ، والحظ يختلف ويخفى ، فقد يكون له حظ في الأخذ بأكثر من ثمن المثل ، لزيادة قيمة ملكه والشقص الذي يشتريه بزوال الشركة ، أو لأن الضرر الذي يندفع بأخذه كثير ، فلا يمكن اعتبار الحظ بنفسه لخفائه ، ولا بكثرة الثمن لما ذكرناه ، فسقط اعتباره ، وصح البيع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية