الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4051 ) فصل : وإن تلف الشقص أو بعضه في يد المشتري ، فهو من ضمانه ; لأنه ملكه تلف في يده ، ثم إن أراد الشفيع الأخذ بعد تلف بعضه ، أخذ الموجود بحصته من الثمن ، سواء كان التلف بفعل الله تعالى أو بفعل آدمي ، وسواء تلف باختيار المشتري ، كنقضه للبناء ، أو بغير اختياره ، مثل أن انهدم . ثم إن كانت الأنقاض موجودة أخذها مع العرصة بالحصة .

                                                                                                                                            وإن كانت معدومة أخذ العرصة وما بقي من البناء . وهذا ظاهر كلام أحمد ، في رواية ابن القاسم . وهذا قول الثوري ، والعنبري ، وأبي يوسف ، وقول للشافعي . وقال أبو عبد الله بن حامد : إن كان التلف بفعل آدمي ، كما ذكرنا ، وإن كان بفعل الله تعالى ، كانهدام البناء بنفسه ، أو حريق ، أو غرق ، فليس للشفيع أخذ الباقي إلا بكل الثمن ، أو يترك .

                                                                                                                                            وهذا قول أبي حنيفة ، وقول للشافعي ; لأنه متى كان النقص بفعل آدمي ، رجع بدله إلى المشتري ، فلا يتضرر ، ومتى كان بغير ذلك ، لم يرجع إليه شيء فيكون الأخذ منه إضرارا به ، والضرر لا يزال بالضرر . ولنا ; أنه تعذر على الشفيع أخذ الجميع ، وقدر على أخذ البعض ، فكان له بالحصة من الثمن ، كما لو تلف بفعل آدمي سواه ، أو كما لو كان له شفيع آخر ، أو نقول : أخذ بعض ما دخل معه في العقد ، فأخذه بالحصة ، كما لو كان معه سيف .

                                                                                                                                            وأما الضرر فإنما حصل بالتلف ، ولا صنع للشفيع فيه ، والذي يأخذه الشفيع يؤدي ثمنه ، فلا يتضرر المشتري بأخذه . وإنما قلنا : يأخذ الأنقاض وإن كانت منفصلة ; لأن استحقاقه للشفعة كان حال عقد البيع ، وفي تلك الحال كان متصلا اتصالا ليس مآله إلى الانفصال ، وانفصاله بعد ذلك لا يسقط حق الشفعة . ويفارق الثمرة غير المؤبرة إذا تأبرت ، فإن مآ لها إلى الانفصال والظهور ، فإذا ظهرت فقد انفصلت ، فلم تدخل في الشفعة .

                                                                                                                                            وإن نقصت القيمة مع بقاء صورة المبيع ، مثل أن انشق الحائط ، واستهدم البناء ، وشعث الشجر ، وبارت الأرض ، فليس له إلا الأخذ بجميع الثمن أو الترك ; لأن هذه المعاني لا يقابلها الثمن ، بخلاف الأعيان ، ولهذا قلنا : لو بنى المشتري أعطاه الشفيع قيمة بنائه ، ولو زاد المبيع زيادة متصلة ، دخلت في الشفعة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية