[ ص: 253 ] فصل : ولا تتقدر أكثر مدة الإجارة ، بل تجوز وإن كثرت . وهذا قول كافة أهل العلم . إلا أن أصحاب إجارة العين المدة التي تبقى فيها اختلفوا في مذهبه ، فمنهم من قال : له قولان ; أحدهما ، كقول سائر أهل العلم . وهو الصحيح . الثاني لا يجوز أكثر من سنة ; لأن الحاجة لا تدعو إلى أكثر منها . ومنهم من قال : له قول ثالث ، أنها لا تجوز أكثر من ثلاثين سنة ; لأن الغالب أن الأعيان لا تبقى أكثر منها ، وتتغير الأسعار والأجر . الشافعي
ولنا قول الله تعالى إخبارا عن شعيب عليه السلام ، أنه قال : { على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك } ، وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يقم على نسخه دليل . ولأن ما جاز العقد عليه سنة ، جاز أكثر منها ، كالبيع والنكاح والمساقاة ، والتقدير بسنة وثلاثين ، تحكم لا دليل عليه ، وليس ذلك أولى من التقدير بزيادة عليه أو نقصان منه . وإذا استأجره سنين ، لم يحتج إلى تقسيط الأجر على كل سنة ، في ظاهر كلام ، كما لو استأجر سنة لم يفتقر إلى تقسيط أجر كل شهر ، بالاتفاق . ولو استأجر شهرا ، لم يفتقر إلى تقسيط أجر كل يوم أحمد
ولأن المنفعة كالأعيان في البيع ، ولو اشتملت الصفقة على أعيان ، لم يلزمه تقدير ثمن كل عين ، كذلك ها هنا . وقال ، في أحد قوليه كقولنا ، وفي الآخر : يفتقر إلى تقسيط أجر كل سنة ; لأن المنافع تختلف باختلاف السنين ، فلا يأمن أن ينفسخ العقد ، فلا يعلم بم يرجع . وهذا يبطل بالشهور ; فإنه لا يفتقر إلى تقسيط الأجر عليها ، مع الاحتمال الذي ذكروه . الشافعي