( 4159 ) فصل : ومن . وبهذا قال اكترى دابة إلى العشاء ، فآخر المدة إلى غروب الشمس ، وقال الشافعي ، أبو حنيفة : آخرها زوال الشمس ; لأن العشاء آخر النهار ، وآخر النهار النصف الآخر من الزوال ، ولذلك جاء في حديث وأبو ثور ذي اليدين ، عن { رضي الله عنه قال : صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي يعني الظهر أو العصر أبي هريرة } . هكذا تفسيره . ولنا قول الله تعالى : { من بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم } يعني العتمة . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { } لولا أن أشق على أمتي لأخرت العشاء إلى ثلث الليل
وإنما تعلق الحكم بغروب الشمس ، لأن هذه الصلاة تسمى العشاء الآخرة ، فدل على أن الأولى المغرب ، وهو في العرف كذلك ، فوجب أن يتعلق الحكم به ; لأن المدة إذا جعلت إلى وقت تعلقت بأوله ، كما لو جعلها إلى الليل . وما ذكروه لا يصح ; لأن لفظ العشي غير لفظ العشاء ، فلا يجوز الاحتجاج بأحدهما على الآخر ، حتى يقوم دليل على أن معنى اللفظين واحد . ثم لو ثبت أن معناهما واحد ، غير أن أهل العرف لا يعرفونه ، فلا يتعلق به حكم . وكذلك الحكم فيما إذا اكتراها إلى العشي ; لأن أهل العرف لا يعرفون غير ما ذكرناه
وإن اكتراها إلى الليل ، فهو إلى أوله ، وكذلك إن اكتراها إلى النهار ، فهو إلى أوله . ويتخرج أن يدخل الليل في المدة الأولى ، والنهار في الثانية ; لما ذكرناه في مدة الخيار ، والأول أصح . وإن اكتراها نهارا فهو إلى غروب الشمس . وإن اكتراها ليلة ، فهي إلى طلوع الفجر ، في قول الجميع ; لأن الله تعالى قال في ليلة القدر : { سلام هي حتى مطلع الفجر } . وقال تعالى : { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } ثم قال : { فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل } .