( 4283 ) فصل : فإن ، فعليه غرم ما بين قيمته صحيحا ومقطوعا ; لأن هذا قطع غير مأذون فيه ، فأشبه ما لو قطعه من غير إذن . وقيل : يغرم ما بين قميص امرأة وقميص رجل ; لأنه مأذون في قميص في الجملة . والأول أصح ; لأن المأذون فيه قميص موصوف بصفة ، فإذا قطع قميصا غيره ، لم يكن فاعلا لما أذن فيه ، فكان متعديا بابتداء القطع ، ولذلك لا يستحق على القطع أجرا ، ولو فعل ما أمر به ، لاستحق أجره . أمره أن يقطع الثوب قميص رجل ، فقطعه قميص امرأة
( 4284 ) فصل : وإن . أو قال : أذنت لي في قطعه قميصا . قال : بل قباء . أو اختلفا ، فقال : أذنت لي في قطعه قميص امرأة . وقال : بل أذنت لك في قطعه قميص رجل . فالقول قول الخياط والصباغ . نص عليه قال الصباغ : أمرتني بصبغه أحمر . قال : بل أسود ، في رواية أحمد ابن منصور . وهذا قول . وقال ابن أبي ليلى ، مالك ، وأبو حنيفة : القول قول رب الثوب . واختلف أصحاب وأبو ثور ، فمنهم من قال : له قولان ، كالمذهبين الشافعي
ومنهم من قال : له قول ثالث أنهما يتحالفان ، كالمتبايعين يختلفان في الثمن . ومنهم من قال : الصحيح أن القول قول رب الثوب ; لأنهما اختلفا في صفة إذنه ، والقول قوله في أصل الإذن ، فكذلك في صفته ، ولأن الأصل عدم الإذن المختلف فيه ، فالقول قول من ينفيه . ولنا أنهما اتفقا على الإذن واختلفا في صفته ، فكان القول قول المأذون له ، كالمضارب إذا قال : أذنت لي [ ص: 309 ] في البيع نساء . ولأنهما اتفقا على ملك الخياط القطع ، والصباغ الصبغ
والظاهر أنه فعل ما ملكه ، واختلفا في لزوم الغرم له ، والأصل عدمه . فعلى هذا يحلف الخياط والصباغ بالله لقد أذنت لي في قطعه قباء ، وصبغه أحمر . ويسقط عنه الغرم ، ويكون له أجر مثله ; لأنه ثبت وجود فعله المأذون فيه بعوض ، ولا يستحق المسمى ; لأن المسمى ثبت بقوله ودعواه ، فلا يحنث بيمينه ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { } . أخرجه لو يعطى الناس بدعواهم ، لادعى قوم دماء قوم وأموالهم ، ولكن اليمين على المدعى عليه مسلم
فأما المسمى في العقد ، فإنما يعترف رب الثوب بتسميته أجرا ، وقطعه قميصا ، وصبغه أسود . فأما من قال : القول قول رب الثوب . فإنه يحلف بالله : ما أذنت في قطعه قباء ، ولا صبغه أحمر . ويسقط عنه المسمى . ولا يجب للخياط والصباغ شيء ; لأنهما فعلا غير ما أذن لهما فيه . وذكر ابن أبي موسى ، عن ، رواية أخرى ، أن صاحب الثوب إذا لم يكن ممن يلبس الأقبية والسواد ، فالقول قوله أحمد
وعلى الصانع غرم ما نقص بالقطع ، وضمان ما أفسد ، ولا أجر له ; لأن قرينة حال رب الثوب تدل على صدقه ، فتترجح دعواه بهما ، كما لو ، رجحنا دعواه بذلك . وإن اختلفا في حائط لأحدهما عليه عقد أو أزج ، رجحنا دعوى كل واحد منهما فيما يصلح له . ولو اختلف الزوجان في متاع البيت ، رجحنا قول كل واحد منهما في آلة صناعته . فعلى هذا يحلف رب الثوب : ما أذنت لك في قطعه قباء اختلف صانعان في الآلة التي في دكانهما
ويكفي هذا لأنه ينتفي به الإذن ، فيصير قاطعا لغير ما أذن فيه . فإن كان القباء مخيطا بخيوط لمالكه ، لم يملك الخياط فتقه ، وكان لمالكه أخذه مخيطا بلا عوض ; لأنه عمل في ملك غيره عملا مجردا عن عين مملوكة له ، فلم يكن له إزالته ، كما لو نقل ملك غيره من موضع إلى موضع ، لم يكن له رده إذا رضي صاحبه بتركه فيه . وإن كانت الخيوط للخياط ، فله نزعها ; لأنها عين ماله ، ولا يلزمه أخذ قيمتها ; لأنها ملكه ، ولا يتلف بأخذها ما له حرمة . فإن اتفقا على تعويضه عنها جاز ; لأن الحق لهما . وإن قال رب الثوب : أنا أشد في كل خيط خيطا . حتى إذا سله عاد خيط رب الثوب في مكانه ، لم يلزم الخياط الإجابة إلى ذلك ; لأنه انتفاع بملكه . وحكم الصباغ في قلع الصبغ إن أحبه ، وفي غير ذلك من أحكامه حكم صبغ الغاصب
على ما مضى في بابه . والذي يقوى عندي ، أن القول قول رب الثوب ; لما ذكرنا في دليلهم .