( 4201 ) فصل : وإن ، كمن يموت في طريق مات المكتري ، ولم يكن له وارث يقوم مقامه في استيفاء المنفعة ، أو كان غائبا مكة ، ويخلف جمله الذي اكتراه ، وليس له عليه شيء يحمله ، ولا وارث له حاضر يقوم مقامه ، فظاهر كلام أن الإجارة تنفسخ فيما بقي من المدة ; لأنه قد جاء أمر غالب ، يمنع المستأجر عن منفعة العين ، فأشبه ما لو غصبت ، ولأن بقاء العقد ضرر في حق المكتري والمكري ; لأن المكتري يجب عليه الكراء من غير نفع ، والمكري يمتنع عليه التصرف في ماله ، مع ظهور امتناع الكراء عليه . وقد نقل عن أحمد ، في رجل اكترى بعيرا ، فمات المكتري في بعض الطريق ، فإن رجع البعير خاليا ، فعليه بقدر ما وجب له ، وإن كان عليه ثقله ووطاؤه ، فله الكراء إلى الموضع أحمد
وظاهر هذا أنه حكم بفسخ العقد فيما بقي من المدة ، إذا مات المستأجر ، ولم يبق به انتفاع ; لأنه تعذر استيفاء المنفعة بأمر من الله تعالى ، فأشبه ما لو اكترى [ ص: 272 ] من يقلع له ضرسه ، فبرأ ، أو انقلع قبل قلعه ، أو اكترى كحالا ليكحل عينه ، فبرأت ، أو ذهبت . ويجب أن يقدر أنه لم يكن ثم من ورثته من يقوم مقامه في الانتفاع ; لأن الوارث يقوم مقام الموروث . وتأولها على أن المكري قبض البعير ، ومنع الورثة الانتفاع ، ولولا ذلك لما انفسخ العقد ; لأنه لا ينفسخ بعذر في المستأجر مع سلامة المعقود عليه ، كما لو حبس مستأجر الدار ، ومنع من سكناها القاضي
ولا يصح هذا ; لأنه لو منع الوارث الانتفاع ، لما استحق شيئا من الأجر . ويفارق هذا ما لو حبس المستأجر ; لأن المعقود عليه انتفاعه ، وهذا لا يؤيس منه بالحبس ، فإنه في كل وقت يمكن خروجه من الحبس وانتفاعه ، ويمكن أن يستنيب من يستوفي المنفعة إما بأجر أو غيره ، بخلاف الميت ، فإنه قد فات انتفاعه بنفسه ونائبه ، فأشبه ما ذكرنا من الصور .