( 4247 ) مسألة ; قال : ( ومن ، فعليه الأجرة المذكورة ، وأجرة المثل لما جاوزه ، وإن تلفت فعليه أيضا قيمتها ) ( 4248 ) الكلام في هذه المسألة في فصلين : أحدهما : في الأجر الواجب ، وهو المسمى ، وأجر المثل للزائد . نص عليه اكترى دابة إلى موضع ، فجاوزه ولا خلاف فيه بين أصحابنا ، ذكر أحمد ذلك . وروى القاضي الأثرم
[ ص: 291 ] بإسناده عن ، أنه ذكر أبي الزناد المدينة السبعة ، وقال : ربما اختلفوا في الشيء ، فأخذنا بقول أكثرهم وأفضلهم رأيا ، فكان الذي وعيت عنهم على هذه الصفة ، أن من اكترى دابة إلى بلد ، ثم جاوز ذلك إلى بلد سواه ، فإن الدابة إن سلمت في ذلك كله ، أدى كراءها وكراء ما بعدها ، وإن تلفت في تعديه بها ضمنها ، وأدى كراءها الذي تكاراها به . وهذا قول فقهاء الحكم ، ، وابن شبرمة . وقال والشافعي ، الثوري : لا أجر عليه لما زاد ; لأن المنافع عندهما لا تضمن في الغصب وأبو حنيفة
وحكي عن أنه إذا تجاوز بها إلى مسافة بعيدة ، يخير صاحبها بين أجر المثل وبين المطالبة بقيمتها يوم التعدي ; لأنه متعد بإمساكها ، حابس لها عن أسواقها ، فكان لصاحبها تضمينها إياه . ولنا أن العين باقية بحالها ، يمكن أخذها ، فلم تجب قيمتها ، كما لو كانت المسافة قريبة . وما ذكره تحكم لا دليل عليه ، ولا نظير له ، فلا يجوز المصير إليه . وقد مضى الكلام مع مالك في الغصب أبي حنيفة
( 4249 ) الفصل الثاني : في الضمان ، ظاهر كلام وجوب قيمتها إذا تلفت به ، سواء تلفت في الزيادة ، أو بعد ردها إلى المسافة ، وسواء كان صاحبها مع المكتري ، أو لم يكن . وهذا ظاهر مذهب الفقهاء السبعة ، إذا تلفت حال التعدي ; لما حكينا عنهم . وقال الخرقي : إن كان القاضي ، فلا ضمان على المكتري ، وإن هلكت والمكتري راكب عليها ، أو حمله عليها ، فعليه ضمانها . وقال المكتري نزل عنها وسلمها إلى صاحبها ، ليمسكها أو يسقيها ، فتلفت : إن كانت يد صاحبها عليها ، احتمل أن يلزم المكتري جميع قيمتها ، واحتمل أن يلزمه نصف قيمتها أبو الخطاب
وقال أصحاب : إن لم يكن صاحبها معها ، لزم المكتري قيمتها كلها . وإن كان معها فتلفت في يد صاحبها ، لم يضمنها المكتري ; لأنها تلفت في يد صاحبها ، أشبه ما لو تلفت بعد مدة التعدي . وإن الشافعي ففيه قولان أحدهما يلزمه نصف قيمتها ; لأنها تلفت بفعل مضمون وغير مضمون ، أشبه ما لو تلفت بجراحته وجراحة مالكها . والثاني تقسط القيمة على المسافتين ، فما قابل مسافة الإجارة سقط ، ووجب الباقي . تلفت تحت الراكب
ونحو هذا قول ، فإنه قال : من أبي حنيفة ، فعلى المكتري عشر قيمته . وموضع الخلاف في لزوم كمال القيمة إذا كان صاحبها مع راكبها ، أو تلفت في يد صاحبها . فأما إذا تلفت حال التعدي ، ولم يكن صاحبها مع راكبها ، فلا خلاف في ضمانها بكمال قيمتها ; لأنها تلفت في يد عادية ، فوجب ضمانها كالمغصوبة . وكذلك إذا تلفت تحت الراكب ، أو تحت حمله ، وصاحبها معها ; لأن اليد للراكب وصاحب الحمل ، بدليل أنهما لو تنازعا دابة أحدهما راكبها ، أو له عليها حمل ، والآخر آخذ بزمامها ، لكانت للراكب ولصاحب الحمل اكترى جملا لحمل تسعة ، فحمل عشرة ، فتلف
ولأن الراكب متعد بالزيادة ، وسكوت صاحبها لا يسقط الضمان ، كمن جلس إلى إنسان فحرق ثيابه وهو ساكت . ولأنها إن تلفت بسبب [ ص: 292 ] تعبها ، فالضمان على المتعدي ، كمن . فأما إن تلفت في يد صاحبها بعد نزول الراكب عنها ، فينظر فإن كان تلفها بسبب تعبها بالحمل والسير ، فهو كما لو تلفت تحت الحمل والراكب ، وإن تلفت بسبب آخر من افتراس سبع أو سقوط في هوة ونحو ذلك ، فلا ضمان فيها ; لأنها لم تتلف في يد عادية ، ولا بسبب عدوان ألقى حجرا في سفينة موقرة فغرقها
وقولهم : تلفت بفعل مضمون وغير مضمون ، أشبه ما لو تلفت بجراحتين يبطل بما إذا قطع السارق ، ثم قطع آخر يده عدوانا ، فمات منهما ، وفارق ما إذا جرح نفسه وجرحه غيره ; لأن الفعلين عدوان ، فقسم الضمان عليهما . ( 4250 ) فصل : ولا يسقط الضمان بردها إلى المسافة . وبه قال ، أبو حنيفة ، وأبو يوسف . وقال والشافعي : يسقط ، كما لو تعدى في الوديعة ، ثم ردها محمد
ولنا أنها يد ضامنة ، فلا يزول الضمان عنها إلا بإذن جديد ، ولم يوجد . وما ذكروه في الوديعة لا نسلمه إلا أن يردها إلى مالكها ، أو يجدد له إذنا .