( 4268 ) فصل : ، فينظر ; فإن لم يجد المستأجر حاكما ، أو وجد حاكما ولم يمكن إثبات الحال عنده ، أو أمكن الإثبات عنده ولا يحصل له ما يكتري به ما يستوفي حقه منه ، فللمستأجر فسخ الإجارة ; لأنه تعذر عليه قبض المعقود عليه ، فأشبه ما لو أفلس المشتري ، أو انقطع المسلم فيه عند محله . فإن فسخ العقد ، وكان الجمال قد قبض الأجر ، كان دينا في ذمته ، وإن اختار المقام على العقد ، وكانت الإجارة على عمل في الذمة ، فله ذلك ، ومتى قدر على الجمال طالبه به ، وإن كان العقد على مدة انقضت في هربه ، انفسخ العقد بذلك وإن هرب الجمال في بعض الطريق ، أو قبل الدخول فيها ، لم يخل من حالين ; أحدهما ، أن يهرب بجماله
وإن أمكنه إثبات الحال عند الحاكم ، وكان العقد على موصوف غير معين ، لم ينفسخ العقد ، ويرفع الأمر إلى الحاكم ، ويثبت عنده ، فينظر الحاكم ، فإن وجد للجمال مالا اكترى به له ، وإن لم يجد له مالا ، وأمكنه أن يقترض على الجمال من بيت المال ، أو من غيره ما يكتري له به ، فعل ، فإن دفع الحاكم المال إلى المكتري ليكتري لنفسه به ، جاز في ظاهر كلام . وإن اقترض عليه من المكتري ما يكري به ، جاز ، وصار دينا في ذمة الجمال . وإن كان العقد على معين ، لم يجز إبداله ، ولا اكتراء غيره ; لأن العقد تعلق بعينه ، فيتخير المكتري بين الفسخ أو البقاء إلى أن يقدر عليه ، فيطالبه بالعمل أحمد
، فإن المكتري يرفع الأمر إلى الحاكم ، فإن وجد للجمال [ ص: 301 ] مالا ، استأجر به من يقوم مقام الجمال في الإنفاق على الجمال ، والشد عليها ، وحفظها وفعل ما يلزم الجمال فعله ، فإن لم يجد له غير الجمال ، وكان فيها فضلة عن الكراء ، باع بقدر ذلك ، وإن لم يكن فيها فضل ، أو لم يمكن بيعه ، اقترض عليه الحاكم ، كما قلنا . وإن ادان من المكتري وأنفق ، جاز . الحال الثاني إذا هرب الجمال ، وترك جماله
وإن أذن للمكتري في الإنفاق من ماله بالمعروف ، ليكون دينا على الجمال ، جاز ; لأنه في موضع حاجة . وإذا رجع الجمال ، واختلفا فيما أنفق ، نظرنا ; فإن كان الحاكم قدر له ما ينفق ، قبل قوله في قدر ذلك ، وما زاد لا يحتسب له ، وإن لم يقدر له ، قبل قوله في قدر النفقة بالمعروف ; لأنه أمين ، وما زاد لا يرجع به ; لأنه متطوع به . وإذا وصل المكتري ، رفع الأمر إلى الحاكم ، ففعل ما يرى الحظ فيه ، من بيع الجمال ، فيوفي عن الجمال ما لزمه من الدين للمكتري أو لغيره ، ويحفظ باقي الثمن له
وإن رأى بيع بعضها ، وحفظ باقيها ، والإنفاق على الباقي من ثمن ما باع ، جاز . وإن لم يجد حاكما ، أو عجز عن استدانة ، فله أن ينفق عليها ، ويقيم مقام الجمال فيما يلزمه ، فإن فعل ذلك متبرعا ، لم يرجع بشيء . وإن نوى الرجوع ، وأشهد على ذلك ، رجع به ; لأنه حال ضرورة . وهذا أحد الوجهين . وإن لم يشهد ، ونوى الرجوع ، ففي الرجوع وجهان ; أحدهما ، يرجع به ; لأن ترك الجمال مع العلم بأنها لا بد لها من نفقة إذن في الإنفاق . والثاني لا يرجع به ; لأنه يثبت لنفسه حقا على غيره للشافعي
وكذلك إن لم يجد من يشهده فأنفق محتسبا بالرجوع . وقياس المذهب أن له الرجوع ; لقولنا : يرجع بما أنفق على الآبق ، وعلى عيال الغائب وزوجاته ، والدابة المرهونة . ولو قدر على استئذان الحاكم ، فأنفق من غير استئذانه ، وأشهد على ذلك ، ففي رجوعه وجهان أيضا . . وقال وحكم موت الجمال ، حكم هربه أبو بكر : مذهب ، أن الموت لا يفسخ الإجارة ، وله أن يركبها ، ولا يسرف في علفها ، ولا يقصر ، ويرجع بذلك في مال المتوفى ، فإن لم يكن في يد المستأجر ما ينفقه ، لم يجز أن يبيع منها شيئا ; لأن البيع إنما يجوز من المالك ، أو من نائبه ، أو ممن له ولاية عليه . أحمد