الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

تكامل الحضارات بين الإشكاليات والإمكانيات

الأستاذ الدكتور / عطا محمد حسن زهرة

2- التعايش:

لا شـك أن التعـايش هـو البديـل للخـصـومة، وهـو يتـم بتفاعل الحضـارات مع بعـضها بعضا، بمـا يعـود علـى الإنسـان والبشرية جمعاء بالخير. فالتفاعل البناء عملية تتجه نحو البناء والاستجابة الحضارية لتحديات العصر، بخلاف الخصومة، التي تعكس حالة صراعية تقود إلى الصدام وتدفع الغرب للوقوف في مواجهه الشرق متسلحا بإمكاناته العلمية والمادية المتفوقة.

والإسلام ينكر النظرة المركزية، التي ترى العالم كحضارة واحدة مهيمنة ومتحكمة في الحضارات الأخرى. فهو ينظر إلى المسرح العالمي كمنتدى حضارات متعددة لا تقوم على الانعزال، وإنما على التفاعل والتساند في كل ما هو مشترك وإنساني عام. ولا يتم ذلك إلا على قاعدة الإيمان بفلسفة الأديان وما يمكن أن تقدمه للبشرية [1] . [ ص: 121 ]

والتفاعل بين الحضارات لا يعني ذوبان حضارة في أخرى، إذ لابد أن تحتفظ كل واحدة منها بخصوصيتها. كما أنه لا يعني القطيعة المعرفية مع الماضي، إذ أن لكل حضارة موروثها التاريخي. بل إن هذا التفاعل مشروط بأن يتم في جو من الاحترام المتبادل والبعد عن التبعية والتقليد، كي يكون ذلك باعثا على التكامل، الذي يغني التجربة الإنسانية.

التفاعل الحضاري هو استجابة لعلاقة بين الحضارة الإسلامية والحضارات الأخرى، والحضارة الغربية على وجه الخصوص. ولكي يتم هذا التفاعل بصورة صحيحة لابد من الأخذ بمنهج الوسطية الإسلامية دون تقليد؛ لأن التقليد الحضاري، يؤدى إلى التبعية للآخر والذوبان فيه، لاسيما وأن حياة أي حضارة، إنما تكمن في ما تملكه من إبداع [2] .

ولكي يتحقـق التعايش بصورة سليمة لابد أن يتم على قاعدتي التعاون وتوزيع الأدوار، بحيث تتحرك كل حضارة في عملية تعاون مشتركة وشاملة، وفقا لما حققته من إنجازات تؤهلها للمشاركة في الفعل الحضاري، إذ تستطيع كل حضارة المساهمة وفق إمكاناتها، مهما كان حجمها ومستواها، الأمر الذي يعزز إحساسها بذاتها ودورها الإنساني في تحقيق التطور والتكامل الحضاري. [ ص: 122 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية