الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
2- غياب النظرة الموضوعية:

يخطئ من ينطلق من أي تعميم عند تفسير المواقف، سواء بالنسبة للغرب أو فيما يتعلق بالشرق، إذ يوجد أكثر من موقف واحد لدى كل طرف. ومع التعميم يكون الطرفان هما الضحية.

ومن المهم والحالة هذه تناول هذه المسألة وإن بصورة سريعة.

- تعالي الغرب:

فالغرب القوي ينطلق من نظرة استعلائية تحجبه عن أية معرفة حقيقية للشرق الضعيف، ولا تزال هذه المعرفة محدودة وغير علمية في كثير من جوانبها، لاسيما وأنها في الغالب مبنية على أفكار شائعة مشوهة، وأحكام مترسبة في وجدان الغربيين، ومحكومة بالتفوق الغربي [1] .

فالتفوق، الذي يتمتع به الغرب جعل الشعوب الغربية تعيش حالة من الإفراط في التمركز حول الذات. وهي حالة وإن كانت ليست فريدة في التاريخ، إلا أنها الأكثر طغيانا، وارتبط بها إحساس بأنه من واجب الشعوب [ ص: 84 ] الأخرى، بل ومن الأسلم لها ألا تكون في حالة مواجهة مع هذه الذات المتمددة والمتسلحة بكل عناصر القوة [2] .

لكن الحديث عن الذات العظيمة والمتفوقة لا تساعد بطبيعة الحال على إقامة أي علاقة تكاملية مع الذوات الأخرى؛ لأنه ينطوي على فكرة عدم قدرة الأخيرة على المنافسة، بمعنى أن أمم الشرق وهي تعبر عن حضارات ضعيفة من وجهة النظر الغربية، غير قادرة على التسامي والوقوف إلى جانب الأمم الغربية على طريق التطور الحضاري [3] .

- عدائية الشرق:

سـاد الاتجـاه الليبـرالي عند العرب طيلة القرن الماضي، وظل الليبراليون منهم يعبرون عن إعجابهم بالنمـوذج الغربي ولا يخفون رغبتهم في تقليـده. وقـد وجـد هذا الأمر صدى واسـعا في الأوسـاط الشعبية في إطـار عملية بناء الدولة المستقلة ذات السيادة. وبدا وكأن أنصاره قادرين على الاستجابة لطموحات شعوبهم [4] ، لكنهم أخفقوا في أن يكونوا في مستوى ادعاءاتهم. [ ص: 85 ]

أخـذت تبـرز إلى حيـز الوجـود حركات إسلامية، تدعوا إلى استعادة المسـلمين لعهود ازدهارهم وقوتـهم. وقـد لفت هـذا التطور انتباه الدول المختـلفة وبخاصة الغربية الكبرى منها، لاسيما وأن تلك الحـركات تدعوا إلى إقـامة نظم سياسية جديدة من خلال طرح فكرة إحياء دولة الخلافة [5] .

والأهم من ذلك هو أن بعض تلك الحركات تحمل الكراهية للغرب وتكن له عداء شديدا، وترفض كل ما يأتي من عنده بما في ذلك الديمقراطية، من منطلق أنها ولدت نظما فاسدة لا تتلاءم مع الإسلام ولايمـكن إصلاحها. ولابد بالتالي من مهاجمتها وإسقاطها بكل السبل. وقد وجد هذا الموقف تعبيراته في ممارسات تلك الحركات.

التالي السابق


الخدمات العلمية