الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
2- الابتعاد عن الأحكام المسبقة:

إن التخلص من الصورة النمطية السلبية للآخر، تعني الابتعاد عن الأحكام المسبقة، تفرض ذلك التحولات الكبرى التي أصابت الحياة، بحيث بات المجتمع في عالمنا المعاصر يوصف عموما بأنه مجتمع المعرفة. يساعد على ذلك تراجع الصورة النمطية السلبية للآخر بفعل تراكم المعرفة المتبادلة، وتنامي التوجه العقلاني بشكل عام. وكان هذا الأمر أكثر ما يكون وضوحا فيما يتعلق بنظرة الغرب إلى الإسلام [1] .

وقد وجد هذا الأمر تعبيراته في مظاهر عديدة، منها على سبيل المثال: ظهور كتابات غربية تعرض التصور الغربي للإسلام بصورة أكثر واقعية، [ ص: 112 ] ومنها كتابات "أرنولد فون Arnold von" و"ريتشارد سيمون Richard Simon" و"رولاند لوثر Roland Luther" و"مارتن لوثر Martin luther". وكان لمواقف بعض المفكرين مثل "لويس ماسينون Louis Massignon" دور واضـح في تشجـيع تحرك الغرب نحو الحوار المسيحي- الإسلامي [2] ، وبروز الأسلوب الحواري والتعاون السلمي كاتجاه رئيس في التفاعل بين الشرق والغرب.

ومع أن نوعا من الانتكاسة حدث مع انتعاش التفاعل الصراعي في أواخر القرن الماضي بفعل زهو الغرب بانتصاراته وانكفاء الشرق على تراثه، إلا أن مراجعـة جـديدة لصـورة (الذات) و (الآخر)، ستؤدي إلى عودة النظرة الموضوعية [3] .

وهناك بوادر على السير في هذا الاتجاه، منها مثلا انتقاد عدد من الأكاديميين المهتمين بالإسلام مثل "جون اسبوزيتو John Esposito"، النظر إلى بعض الدول، التي تختلف مواقفها على أنها تمثل موقفا موحدا من الغرب، وتقديرهم للإسلاميين المعتدلين؛ لأنهم قدموا إسهامات حقيقية لتطوير المؤسسات المدنية في مجتمعاتهم، واهتموا بالبعد الديمقراطي فيها، وسمح لهم بالمشاركـة في العمـلية السياسـية، مما يشجع الغرب على الدخول في حوار مع المعتدلين الإسلاميين. [ ص: 113 ]

ومن المتوقع أن تستمر التوجهات الأحدث للصحوة الإسلامية في الميل نحو الاعتدال، رغم قيام بعض المتطرفين بين فترة وأخرى بأعمال مزعجة؛ لأن الاعتدال يشق طريقه في المؤسسات السياسية والاجتماعية، مما يؤدي في النهاية إلى تنمية المجتمعات الإسلامية من جهة وتحسين علاقاتها بالغرب من جهة أخرى [4] .

التالي السابق


الخدمات العلمية