ولا تشتبه النفقة بالدين ; لأن الإنفاق على الولد إنما شرع صيانة للولد عن الهلاك . والممتنع كالقاصد الهلاك ومن قصد إهلاك ولده ; يحبس بخلاف الدين فإنه ليس فيه قصد إهلاك نفسه ولا يخرج المحبوس في الدين بجمعة ولا عيد ولا حج ولا جنازة قريب أو بعيد لأن الواجب أن يحبس على وجه لا يخلص بعد زمان حتى يضجر قلبه عند ذلك فيسارع في قضاء الدين فلو خرج أحيانا لا يضيق قلبه حينئذ ولهذا قالوا ينبغي أن يحبس في موضع خشن لا يتبسط له في فراش ولا وطاء ولا أحد يدخل عليه ليستأنس ليضجر قلبه بذلك وإذا سأل القاضي عن المحبوس بعد شهرين أو أكثر في السر فأخبره ثقة بعدمه خلى سبيله ولم يخل بين غريمه وبين لزومه ، وإن شهد عليه شهود أنه موسر أو أن له مالا أجزت شهادتهم ويترك المسألة في السر ; لأن السؤال للاختبار ومتى ظهرت حاله بالشهادة لا تقع الحاجة إلى الاختبار ، وإن أدى دين أحد الغريمين لم يخرج من السجن حتى يؤدي دين الآخر لأن الظلم قائم ويحبس الرجل في الدرهم وفي أقل منه لأن مانع الدرهم وما دونه ظالم وينبغي أن يكون محبس النساء في الدين على حدة ولا يكون معهن رجل حتى لا يؤدي إلى فتنة ولا يمنع المحبوس من دخول أخواته وأهله عليه ; لأنه يحتاج إلى ذلك حتى يشاورهم في توجيه ديونه ولكن لا يمكنون من المكث عنده حتى يستأنس بهم ويحبس الأبوان في نفقة الولد لأنه عبد ولا يليق به الحبس . ولا يحبس المكاتب لمولاه بالمكاتبة
( ألا ترى ) أنه لو عجز نفسه عن ذلك يسقط ويحبس بدين غير الكتابة قالوا : أراد به في حق غير المولى وقال بعضهم : يحبس بدين المولى ، وهو ملحق بالأجانب في المعاملات مع مولاه والأول أصح