وإن كان فالبينة بينة المضارب ; لأن البينتين استوتا في إثبات الشرط فرجحت بينة المضارب ; لأنها تثبت دينا مضمونا في ذمة رب المال ; ولأن المضارب هو المحتاج إلى البينة ، وذكر نظير هذه المسألة في المزارعة أن أقام المضارب البينة أنه شرط له ربح مائة درهم ، وأقام رب المال البينة أنه شرط له نصف الربح فالبينة بينة رب الأرض والبذر ، وأكثر مشايخنا - رحمهم الله - قالوا : جوابه في كل واحد من الفصلين جواب في الفصل الآخر ، وفي المسألتين روايتان : وجه هذه الرواية ما ذكرنا ، ووجه رواية المزارعة : أن رب المال يثبت صحة العقد فترجح بينته ; لذلك ، وأصح الجوابين ما ذكر هنا . رب الأرض والبذر إذا قال للعامل : شرطت لك نصف الخارج ، وقال العامل : شرطت لي مائة أقفزة من الخارج ، ولم يحصل الخارج وأقاما البينة
قال الشيخ الإمام الأجل - رحمه الله - : والأصح عندي الفرق بين المضاربة والمزارعة ; لأن عقد المزارعة يتعلق بها اللزوم .
( ألا ترى ) [ ص: 91 ] أنه ليس للعامل أن يمتنع من إقامة العمل فترجح فيه البينة المثبتة لصحة العقد لما فيها من الإلزام ، وأما المضاربة فلا تكون لازمة ، فإن للمضارب أن يمتنع من العمل ويفسخ العقد متى شاء فترجح هنا البينة التي فيها إلزام وهي المثبتة للدين في ذمة رب المال .