وإذا جاز جميع ما فعل من ذلك ، والربح بينهما على ما اشترطا ; لأن توقف تصرفاته عند دفع الرجل إلى الرجل مالا مضاربة بالنصف فارتد المضارب ، أو دفعه إليه بعد ما ارتد ، ثم اشترى وباع فربح ، أو وضع ثم قتل على ردته ، أو مات ، أو قتل بدار الحرب - رحمه الله - لتعلق حق ورثته بماله ، أو لتوقف ملكه باعتبار توقف نفسه ، وهذا المعنى لا يوجب تصرفه في مال المضاربة ; لأنه نائب فيه عن رب المال ، وهو [ ص: 128 ] متصرف في منافع نفسه ، ولا حق لورثته في ذلك ; فلهذا نفذ تصرفه ، والعهدة في جميع ما باع واشترى على رب المال في قول أبي حنيفة ; لأن حكم الردة نيط بردته ، وقد بينا ذلك في ردة الوكيل وهذا ; لأنه لو لزمته العهدة لكان قضى ذلك من ماله . أبي حنيفة
فإذا نحيت العهدة عنه بأن قتل على ردته تعلق بما انتفع بتصرفه بمنزلة الصبي المحجور عليه إذا توكل بالشراء للغير ، أو بالبيع في قول أبي يوسف ، وحاله في التصرف بعد الردة كحاله قبل الردة ، فالعهدة عليه ، ويرجع بذلك على رب المال ، وإن ومحمد ; كانت العهدة عليها كما لو تصرفت لنفسها وهذا ; لأن المرتدة لا توقف نفسها ما دامت في دار الإسلام ولا يوقف مالها أو تصرفها أيضا ، بخلاف المرتد قال : ولو كان المضارب امرأة فارتدت ، أوكانت مرتدة حين دفع المال إليها ثم فعلت ذلك فإن القاضي يجيز البيع ، والشراء على المضاربة والربح له ويضمنه رأس المال في قياس قول لم يرتد المضارب وارتد رب المال أو كان مرتدا ، ثم اشترى المضارب وباع فربح ، أو وضع ، ثم قتل المرتد أو مات أو لحق بدار الحرب - رحمه الله - وفي قول أبي حنيفة أبي يوسف - رحمهما الله - هو على المضاربة ; لأن رب المال حين ارتد فقد توقفت نفسه ، وصار بحيث لا يملك التصرف بنفسه ، فكذلك لا يتملك المضارب التصرف له ، ولكن ينفذ تصرفه في الشراء والبيع على نفسه ، ويضمن ما نقد من مال المضاربة ، وعند ومحمد أبي يوسف : تصرفه نافذ على المضاربة ، ثم على قول ومحمد - رحمه الله - ينفذ شراؤه على نفسه غير مشكل ، ولكن الإشكال في تنفيذ بيعه ، وإنما ينفذ بيعه ; لأن ردة رب المال بعد ما صار المال عروضا كموته ، وقد بينا أنه يملك البيع بعد موت رب المال ، فلا بد من تنفيذ بيعه لذلك ثم شراؤه بعد ذلك بالمال على نفسه . أبي حنيفة
ولو لم يدفع ذلك إلى القاضي حتى رجع المرتد مسلما ، جاز جميع ذلك على المضاربة كما اشترطا ، وهذا بخلاف الوكالة فإن جاز جميع ذلك على المضاربة كما اشترطا وهذا بخلاف الوكالة فإن الموكل إذا ارتد ولحق بدار الحرب ثم عاد مسلما لم يعد الوكيل على وكالته . الموكل إذا ارتد ولحق بدار الحرب ، ثم عاد مسلما
أما إذا لم يتصل قضاء القاضي بلحاقه ; فلأن هذا بمنزلة الغيبة ، فلا يوجب عزل الوكيل ، ولا بطلان المضاربة ، وأما بعد الالتحاق والقضاء به فالوكيل إنما ينعزل بخروج محل التصرف عن ملك الموكل إلى ملك ورثته ، وذلك مبطل للوكالة ، والوكالة بعد ما بطلت لا تعود إلا بالتجديد ، وهو غير مبطل للمضاربة لمكان حق المضارب ، كما لو مات حقيقة وهذا الفرق فيما ينشأ من التصرف بعد عود رب المال ، فأما فيما كان أنشأ من التصرف ، فإن كان قد قضى [ ص: 129 ] القاضي بلحاقه لا ينفذ ذلك التصرف على المضاربة بعد ما نفذ على المضارب نفسه ، كما لو مات حقيقة فإن كان لم يقض القاضي بلحاقه فهو كما لو غاب ، ثم رجع قبل اللحوق بدار الحرب وأسلم ; فينفذ جميع ذلك على المضاربة .
ولو كان لرب المال امرأة مرتدة كان جميع ذلك جائزا على المضاربة إن أسلمت ، أو لم تسلم ; لأنها تملك التصرف بعد الردة ، فكذلك ينفذ تصرف المضارب لها بعد ردتها .