الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالا مضاربة بالنصف فارتد رب المال ، ولحق بدار الحرب فلم يقض في ماله بشيء حتى رجع مسلما ، وقد اشترى المضارب بالمال ، أو باع ورب المال في دار الحرب ، فذلك كله جائز على المضاربة ; لأن اللحوق بدار الحرب إذا لم يتصل به قضاء القاضي بمنزلة الغيبة .

ولو كان المضارب هو الذي ارتد ولحق بدار الحرب واشترى به في دار الحرب وباع ، ثم رجع بالمال مسلما فإن له جميع ما اشترى وباع من ذلك ، ولا ضمان عليه في المال ; لأنه لما لحق بالمال دار الحرب فقد تم استيلاؤه عليها ; لأنه حربي أدخل مال المسلم دار الحرب بغير رضاه ، وهذا الاستيلاء يوجب الملك له في المال ، فتصرفه بعد ذلك لنفسه لا للمضاربة ولا ضمان عليه في المال ; لأنه صار مستوليا مخالفا بعد الإحراز بدار الحرب .

ولو استهلك بعد ذلك لم يكن عليه ضمان ; لأن الموجب للتقوم في هذا المال كان هو الإحراز بدار الإسلام ، وقد انقطع ذلك .

( ألا ترى ) أنه لو لحق مرتدا ثم عاد فأخذ المال فاستهلكه لم يكن عليه ضمان ، فكذلك إذا أدخله مع نفسه في دار الحرب .

التالي السابق


الخدمات العلمية