[ ص: 3 ] باب الخيار هو اسم من الاختيار الذي هو طلب خير الأمرين من الإمضاء والفسخ والأصل في البيع اللزوم ، إلا أن الشرع أثبت فيه الخيار رفقا بالمتعاقدين رخصة إما لدفع الضرر ، وهو خيار النقص الآتي .
وإما للتروي ، وهو المتعلق بمجرد التشهي ، وله سببان : المجلس والشرط ، وقد أخذ في بيانهما مقدما أولهما لقوة ثبوته بالشرع من غير شرط وإن اختلف فيه .
وأجمع على الثاني ، فقال ( يثبت خيار المجلس في ) كل معارضة محضة ، وهي ما تفسد بفساد عوضها نحو ( أنواع البيع ) كبيع أب وإن علا مال طفله لنفسه وعكسه فإن ألزم من طرف بقي للآخر كما [ ص: 4 ] في البسيط وبيع جمد في شدة حر لخبر { البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يقول أحدهما للآخر اختر } بنصب يقول بأو بتقدير إلا أن أو إلى أن لا بالعطف وإلا لقال يقل بالجزم ، وهو لا يصح لأن القصد استثناء القول من عدم التفرق أو جعله غاية له لا مغايرته له الصادقة بعدم القول مع عدم التفرق ، وزعم نسخه لعمل أهل المدينة بخلافه ممنوع لأن جل عملهم لا يثبت به نسخ كما قرر في الأصول على أن ابن عمر من أجلهم ، وهو راوي الحديث كان يعمل [ ص: 5 ] به ( كالصرف وبيع الطعام بالطعام ) وما استشكل به ثبوت الخيار في الصرف مع أن القصد به تروي العاقد في اختيار الأفضل له .
والمماثلة شرط في الربوي فالأمران مستويان ، فإذا قطع بانتفاء العلة فكيف يثبت الخيار ؟ يرد بما علم مما مر أن القصد بثبوت الخيار هنا مجرد التشهي ، على أن هذا غفلة عما مر فيها المعلوم منه أنها لا تمنع أن أحدهما أفضل ( والسلم والتولية والتشريك ) لشمول اسم البيع لها ، ولو باع العبد من نفسه لم يثبت له خيار كما في المجموع ولا لسيده خلافا للزركشي ، ولا يرد ذلك لأن هذا عقد عتاقة لا بيع ، وينبغي أن يلحق به البيع الضمني لأنه لا بد فيه من تقدير دخوله في ملك المشتري قبل العتق ، وذلك زمن لطيف لا يتأتى معه تقدير آخر فالخيار فيه غير ممكن .
قاله الزركشي ، ويثبت أيضا في قسمة الرد فقط دون قسمتي الإفراز والتعديل ولو بالتراضي لأن الممتنع عنه مجبر عليه ( وصلح المعاوضة ) على غير منفعة ، بخلاف صلح الحطيطة فإنه في الدين إبراء وفي العين هبة .
أما صلح المعاوضة على منفعة فإجارة ، ولا يرد عليه لما سيأتي في كلامه من عدم الخيار فيها وعلى دم العمد فلا يرد أيضا لأنه معاوضة غير محضة ، وقد علم من سياقه أنه لا خيار فيها .


