( والرد على الفور ) إجماعا بأن لأن الأصل في البيع اللزوم فيبطل بالتأخير من غير عذر كما سيأتي ، ولأنه خيار ثبت بالشرع لدفع الضرر عن المال فكان فوريا كالشفعة ، وعلم مما قررناه أن كلام يرد المشتري المبيع المعين حال إطلاعه على عيبه المصنف في مبيع معين فلو قبض شيئا عما في الذمة بنحو بيع أو سلم فوجده معيبا لم يلزمه فور لأن الأصح أنه لا يملكه إلا بالرضا بعيبه ولأنه غير معقود عليه ولا يجب فور في طلب الأرش أيضا كما بحثه ابن الرفعة لأن أخذه لا يؤدي إلى فسخ العقد ولا في حق جاهل بان له الرد [ ص: 48 ] وهو ممن يخفى عليه لعذره بقرب إسلامه أو نشئه بعيدا عن العلماء بخلاف من يخالطنا من أهل الذمة ومثله في ذلك من جهل حاله كما قاله السبكي ، ولا بد من يمينه في جميع الصور .
قال الأذرعي : والظاهر أن أنه يصدق كالناشي بالبادية ولا في مشتري شخصا مشفوعا والشفيع حاضر فانتظره هل يشفع أو لا ، ولا فيما لو من بلغ منا مجنونا فأفاق رشيدا فاشترى شيئا ثم اطلع على عيبه فادعى الجهل بالخيار فليس له رده حتى يخرجها من غيره . اشترى مالا زكويا وجبت الزكاة فيه عنده ثم علم عيبه
نعم إن تمكن من إخراجها ولم يفعل بطل حقه ، ولا في مبيع آبق أو مغصوب فأخره مشتريه لعوده فله رده إذا عاد وإن صرح بإسقاطه ، ومر أنه لا أرش له ولا إن قال له البائع أزيل عنك العيب وأمكن في مدة لا تقابل بأجرة كما يأتي في نقل الحجارة المدفونة ولا فيما لو اشتغل بالرد بالعيب وأخذ في إثباته ولم يمكنه فله الرد بعيب آخر [ ص: 49 ] ولا في مشتر آخر ثم علم بالعيب ولم يرض البائع به .
مسلوب المنفعة فله التأخير إلى انقضاء مدة الإجارة وإذا وجب الفور ( فليبادر ) مريد الرد ( على العادة ) فلا يكلف الركض في الركوب والغدو في المشي ليرد ( فلو ) ( فله تأخيره ) أي الرد ( حتى يفرغ ) من ذلك على وجهه الكامل لعذره كما في الشفعة ، ومن ثم أجرى هنا ما قالوه ثم وعكسه ، ولو سلم على البائع لم يؤثر بخلاف محادثته كما لا يؤثر لبس ما يتجمل به عادة أو تأخير لنحو [ ص: 50 ] مطر أو وحل شديد فيما يظهر ، والأوجه الاكتفاء فيه بما يسقط معه طلب الجماعة ( أو ) ( علمه وهو يصلي ) ولو نفلا ( أو ) وهو ( يأكل ) ولو تفكها فيما يظهر أو وهو في حمام أو خلاء أو قبل ذلك وقد دخل وقته ( ليلا فحتى ) يصبح لعدم التقصير . علمه
نعم إن تمكن من السير بغير كلفة لم يعذر فلا فرق بينه وبين النهار كما قاله في المطلب ، ونقل نحوه في الكفاية عن التتمة ( فإن كان البائع بالبلد رده ) المشتري ( عليه بنفسه أو وكيله ) إن لم يحصل بالتوكيل تأخير مضر ولولي المشتري ووارثه الرد أيضا كما لا يخفى ( أو ) رده ( على ) موكله أو وارثه أو وليه أو ( وكيله ) بنفسه أو وكيله كما أفاده سياق كلام المصنف ، فعبارته مساوية لعبارة أصله وإن فرق بعضهم بينهما وذلك لأنه قائم مقامه ( ولو تركه ) أي المشتري أو وكيله البائع ووكيله ( ورفع الأمر إلى الحاكم فهو آكد ) في الرد لأن الخصم ربما أحوجه في آخر الأمر إلى المرافعة إليه فيكون الإتيان إليه أولا فاصلا للأمر جزما .
قال الرافعي : وهذا ما فهمته من كلام [ ص: 51 ] الأصحاب وحاصله تخييره بين الأمرين ا هـ .
وهو كما قال وإن قال الأذرعي كابن الرفعة إن محله إذا لم يلق أحدهما قبل الآخر ، وعليه يحمل قول الإمام المذهب أن العدول إلى القاضي مع وجود الخصم تقصير .
نعم يظهر أنه لو اطلع عليه في مجلس الحكم فذهب إلى البائع من غير فسخ بطل حقه ، وشمل ذلك القاضي الذي لا ينفذ حكمه بعلمه وإن لم يكن عنده أحد يشهد لأنه يصير شاهدا له ، على أن محله لا يخلو عن شهود غالبا ، فقد قال في الأنوار : لو بطل حقه ، ولو اطلع في مجلس الحكم فخرج إلى البائع ولم يفسخ لم يبطل كما في الشفعة . اطلع بحضرة البائع فتركه ورفع إلى القاضي
قال في الإسعاد : وإنما يخير بين الخصم والحاكم إذا كانا بالبلد ، فإن كان أحدهما غائبا تعين الحاضر ، وليس المراد بالرفع إلى الحاكم الدعوى لأن غريمه غائب عن المجلس وهو في البلد وإنما يفسخ بحضرته ثم يطلب غريمه ( وإن ) ( رفع ) الأمر ( إلى الحاكم ) [ ص: 52 ] ولا يؤخره لحضوره فيقول اشتريته من فلان الغائب بكذا ثم ظهر به عيب كذا ويقيم البينة على كل ذلك ويحلفه أن الأمر جرى كذلك لأنه قضاء على غائب فتعتبر شروطه ثم يفسخ ويحكم له بذلك ويبقى الثمن دينا عليه إن قبضه ويأخذ المبيع ويضعه عند عدل ويعطيه الثمن من غير المبيع إن كان وإلا باعه فيه ، ويمتنع على المشتري حبس المبيع إلى قبض الثمن ، بخلافه فيما يأتي لأن القاضي ليس بخصم فيؤتمن بخلاف البائع ، وعلم مما قررناه أن الرفع إلى الحاكم ليفسخ عنده تكفي فيه الغيبة ولو عن المجلس أخذا مما مر ، أما القضاء به وفصل الأمر فلا بد فيه من شروط القضاء ( على الغائب ) فلا يقضي عليه مع قرب المسافة ولا يباع ماله إلا لتعزز أو توار ذكر معظم ذلك ( كان ) البائع ( غائبا ) عن البلد ولا وكيل له بها الزركشي كالأذرعي ( والأصح أنه ) إذا أو أنهى وأمكنه في الطريق الإشهاد ( يلزمه الإشهاد على ) نفس ( الفسخ ) على الراجح لا على طلبه لقدرته على الفسخ بحضرة الشهود فتأخيره حينئذ يتضمن الرضا ، والأقرب كما قاله عجز عن الإنهاء لمرض مثلا ابن الرفعة الاكتفاء بشاهد واحد كما هو الأصح في أداء الضامن ، ولو فالأوجه الاكتفاء به على الأصح كنظيره من الضمان ، أيضا ، ولا ينافي لزوم الإشهاد هنا ما يأتي في الشفعة أنه لو سار طالبها [ ص: 53 ] لم يحتج للإشهاد كما لو أرسل وكيلا ولم يشهد لأن الرد هنا رفع لملك الراد واستمراره على الملك مشعر بالرضا فاحتاج إلى الإشهاد على الفسخ ليخرج عن ملكه ، والشفيع لا يستفيد دخول الشقص في ملكه وإنما يقصد به إظهار الطلب والسير يغني عن ذلك ، وإنما يلزمه الإشهاد في تلك الصور ( إن أمكنه ) وتسقط حينئذ عنه الفورية لعود المبيع إلى ملك البائع بالفسخ فلا يحتاج إلى أن يستمر ( حتى ينهيه إلى البائع أو الحاكم ) إلا لفصل الأمر خاصة وحينئذ لا يبطل رده بتأخيره ولا باستخدامه . أشهد مستورين فباتا فاسقين
نعم يصير به متعديا وقد علم من ذلك أن قوله حتى ينهيه غاية لفصل الأمر خاصة ، ويجوز أن يكون غاية لوجوب الإشهاد وبهذا التقرير الذي ذهب إليه جمع محققون بناء على ما مر من أنه يشهد على نفس الفسخ علم صحة كلامه إذ بعد الفسخ لا وجه لوجوب فور ولا إنهاء ، ومن زعم أن الاكتفاء بالإشهاد إنما هو عند تعذر الحاكم والخصم فغير صحيح ، وحينئذ فمعنى إيجاب الإشهاد عليه في حالتي وجود العذر وفقده أنه عند وجوده يسقط الإنهاء ويجب تحري الإشهاد إن تمكن منه وعند فقده يخير بينه وبين الإنهاء وحينئذ يسقط الإشهاد : أي تحريه فلا ينافي وجوبه لو صادفه شاهد وهذا بحسب ما ظهر في هذا المقام ( فإن عجز عن الإشهاد لم يلزمه التلفظ بالفسخ في الأصح ) لأن إيجاب لفظ من غير سامع أو سامع لا يعتد به بعيد فيؤخر إلى أن يأتي به عند المردود عليه أو والحاكم لعدم فائدته قبل ذلك بل فيه ضرر عليه فإن المبيع ينتقل به الملك للبائع ، [ ص: 54 ] وقد يتعذر عليه ثبوت العيب فيتضرر بالمبيع بعد الاطلاع على العيب والثاني يجب ليبادر بحسب الإمكان لقدرته عليه .