( ويجب أن ) ( ليختار ) شيئا مما مر كما يجب الفور في الرد حيث لا حادث . ( يعلم ) المشتري البائع على الفور ( بالحادث ) مع القديم
نعم يقبل دعواه الجهل بوجوب فورية ذلك لأنه لا يعرفه إلا الخواص كما قاله الأذرعي ( فإن أخر إعلامه ) بذلك ( بلا عذر فلا رد ) له به ( ولا أرش ) عنه لإشعار تأخيره برضاه به .
نعم لو كان الحادث قريب الزوال غالبا كرمد وحمى عذر في انتظاره ليرده سالما على أوجه القولين وبه جزم في الأنوار ، والأقرب ضبط القريب بثلاثة أيام فأقل ، وأن الحادث لو كان هو الزواج فعلق الزوج طلاقها على مضي نحو ثلاثة أيام فانتظره المشتري ليردها خلية لم يبطل رده ، ولو فلا رد ولا أرش وقال المشتري بل الحادث فلي الرد حلف كل منهما على ما ادعاه وسقط الرد بحلف البائع ووجب للمشتري بحلفه الأرش وإنما وجب له مع أنه إنما يدعي الرد لتعذر الرد ومثله ما لو نكلا فإن اختلفا في قدره وجب الأقل لأنه المتيقن ومن نكل عن الحلف منهما قضي عليه كما في نظاره ( ولو حدث عيب لا يعرف القديم إلا به [ ص: 60 ] ككسر بيض ) لنحو نعام لأن قشره متقوم ( و ) كسر ( رانج ) بكسر النون وهو الجوز الهندي حيث لم تتأت معرفة عيبه إلا بكسره فزعم تعين عدم عطفه على ما قبله وذكر ثقب قبله غير صحيح لأن غاية الأمر أنه يمكن معرفة عيبه بالكسر وتارة بالثقب أخرى فيحمل على الأول ( وتقوير بطيخ ) بكسر الباء أشهر من فتحها ( مدود ) بعضه بكسر الواو وكل ما مأكوله في جوفه كالرمان والجوز ( رد ) ما ذكر بالعيب القديم ( ولا أرش عليه في الأظهر ) لتسليط البائع له على كسره لتوقف علم بيعه عليه . حدث في المبيع عيب مثل القديم كبياض قديم وحادث في عينه ثم زال أحدهما وأشكل الحال واختلف فيه العاقدان فقال البائع الزائل القديم
والثاني يرد وعليه الأرش رعاية للجانبين ، وهو ما بين قيمته صحيحا معيبا ومكسورا معيبا ولا نظر إلى الثمن .
والثالث لا يرد أصلا كما في سائر العيوب الحادثة فيرجع المشتري بأرش القديم أو يغرم أرش الحادث إلى آخر ما تقدم .
أما بيض نحو دجاج مذر ونحو بطيخ مدود جميعه فإنه يوجب فساد البيع لو رده على غير متقوم فيرجع المشتري بجميع الثمن ويلزم البائع تنظيف المحل من قشوره لاختصاصها به .
وبحث الزركشي أن محله إذا لم ينقلها المشتري وإلا لزمه نقلها منه ( فإن أمكن معرفة القديم بأقل مما أحدثه ) المشتري كتقوير كبير يستغنى عنه بدونه وكشق رمان مشروط حلاوته لاستغنائه عنه بالغرز فيه لمعرفة حموضته به سواء أعذر وذلك بقيام قرينة تحمله على مجاوز الأقل أم لا كما اقتضاه إطلاقهم لتقصيره في الجملة وعند .
الإطلاق لا تكون الحموضة عيبا لأنها مقصودة فيه ( فكسائر العيوب الحادثة ) فيمتنع رده به لعدم الحاجة إليه ، والتدويد لا يعرف غالبا إلا بكسره وقد يعرف بالشق ، ولو لم يتجاوزها لثبوت مقتضى رد الكل بذلك لما يأتي من امتناع رد البعض فقط ، فإن كسر الثانية [ ص: 61 ] فلا رد له مطلقا فيما يظهر لوقوفه على العيب المقتضي للرد بالأول فكان الثاني عيبا حادثا ، ولو اشترى نحو بيض أو بطيخ كثير فكسر واحدة ثم وجدها معيبة بطل حقه من الرد و الأرش لقطعه الخيار بتعيبه بالاختيار وإن سلمها بنعلها أجبر على قبول النعل ، إذ لا منة عليه فيه ولا ضمان ، وليس للمشتري طلب قيمتها فإنها حقيرة في معرض رد الدابة ، فلو سقطت استردها المشتري لأن تركها إعراض لا تمليك وإن لم يعبها نزعها لم يجبر البائع على قبولها له ، بخلاف الصوف يجبر على قبوله كما قاله بان عيب الدابة وقد أنعلها وكان نزع النعل يعيبها فنزعه القاضي لأن زيادته تشبه زيادة الثمن بخلاف النعل فينزعها ، ولا ينافي ما ذكرناه ما مر أن الإنعال في مدة طلب الخصم أو الحاكم ضار لأن ذاك اشتغال يشبه الحمل على الدابة ، وهنا تفريغ ، وقد ذكر القاضي أن اشتغاله بجز الصوف مانع له من الرد بل يرده ثم يجز ، لكن الفرق بين نزع النعل وجز الصوف واضح .
[ فرع ] إذا ( ردهما ) إن أراد لا أحدهما قهرا لتفريق الصفقة على البائع من غير ضرورة ، [ ص: 62 ] ويجري في رد أحدهما الخلاف المذكور في قوله ( ولو ظهر عيب أحدهما ) دون الآخر ( ردهما ) إن أراد ( لا المعيب وحده ) فلا يرده قهرا عليه ( في الأظهر ) لذلك ، وشمل كلامه ما لو كان المبيع مثليا لا ينقص بالتبعيض كالحبوب وهو أرجح وجهين أطلقاهما بلا ترجيح ، وإن نقل عن نص الأم ( اشترى ) من واحد عبدين أي عينين من كل شيئين لم تتصل منفعة إحداهما بالأخرى ( معيبين صفقة ) واحدة جاهلا بالحال والبويطي الجواز ، واعتمده بعض المتأخرين ، ويمكن حمله على ما لو وقع ذلك بالرضا وهو أولى من تضعيفه وإن كان بعيدا ، وما لو زال ملكه عن بعضه ببيع أو هبة ولو للبائع فلا رد له وهو ما جزم به المتولي في مسألة البيع ، ويقاس به ما في معناه وصححه البغوي وجزم به السبكي في شرح المهذب في موضع ثم نقله عنهما وعلله بأنه وقت الرد لم يرد كما تملك ، وأفتى به الشيخ وهو المعتمد وإن قال القاضي إن له الرد على المذهب إذ ليس فيه تبعيض على البائع ، واقتصر الإسنوي على نقله عنه وكذا السبكي في شرح الكتاب ، وفي شرح المهذب في موضع آخر وهو مبني كما قاله على أن المانع الضرر فيرد أو اتحاد الصفقة فلا والثاني أصح ، ويلحق بالبائع فيما تقرر وارثه ونحوه ، وقول الشارح ولو تلف السليم أو بيع قبل ظهور العيب فرد المعيب أولى بالجواز لتعذر ردهما : أي مع أن الأصح عدم الرد فقد صرح الرافعي بأن أولى بكذا لا يلزم منه مخالفة ما قبله في الحكم ، ومقابل الأظهر له رده وأخذ قسطه من الثمن لاختصاصه بالعيب ، ومحل الخلاف فيما لا تتصل منفعة أحدهما بالآخر كما مر ، أما ما تتصل كذلك كمصراعي باب وزوجي خف فلا يرد المعيب منهما وحده قهرا قطعا .
قال الزركشي : لو [ ص: 63 ] هل له أن يرد على أخيه نصيبه ؟ الظاهر نعم ا هـ . مات من يستحق عليه الرد وخلف ابنين أحدهما المشتري
والأوجه خلافه بتبعيض الصفقة ولو فهل ينفسخ في الجميع كما في خيار المجلس ؟ فيه نظر ، وقد ذكر فسخ المشتري في بعض العين المبيعة الرافعي في باب تفريق الصفقة أنه لو اشترى عبدين فخرج أحدهما معيبا ليس إفراده بالرد في الأظهر ، ولو قال رددت المعيب فهل يكون ذلك ردا لهما ؟ وجهان أصحهما لا بل هو لغو ؟ ويؤخذ منه ترجيح عدم الانفساخ فيما قبلها . ( ولو ) كأن ( اشترى عبد رجلين ) شهد منهما لا من وكيلهما ( فبان معيبا ) أو بتفصيل الثمن كأن اشترى عبدين كل واحد بمائة ( فله ) في الأولى ( رد نصيب أحدهما ) وله في الثانية رد أحدهما أو بتعدد المشتري كما قال ( ولو اشترياه ) أي اثنان عبد واحد كما في المحرر لأنفسهما أو موكلهما ( فلأحدهما الرد ) لنصيبه ( في الأظهر ) لتعددها حينئذ بتعدد المشتري لنفسه أو لغيره كما مر أو من اثنين ولا يصح حمل كلامه عليه بجعل الضمير عائدا على قوله عبد رجلين لأن هذه لا خلاف فيها للتعدد بتعدد البائع قطعا فله رد الربع ، ولو اشتراه واحد من وكيل اثنين أو من وكيلي واحد [ ص: 64 ] ففيه الخلاف السابق في تفريق الصفقة أن العبرة بالوكيل أو الموكل ، ولو اشترى ثلاثة من ثلاثة فكل مشتر من كل تسعة ، وضابط ذلك أن تضرب عدد البائعين في عدد المشترين عند التعدد من الجانبين أو أحدهما عند الانفراد في الجانب الآخر فما حصل فهو عدد العقود . تعددت بتعدد البائع