ولا يصح السلم في حنطة مختلطة بشعير ولا في أدهان مطيبة بطيب نحو بنفسج وبان وورد بأن خالطها شيء من ذلك فإن روح سمسمها بالطيب المذكور واعتصر لم يضر كما مر في الربا ( والأصح ) ( صحته في المختلط ) بالصنعة ( المنضبط ) عند أهل تلك الصنعة المقصود الأركان كما بأصله ( كعتابي ) وهو مركب من قطن وحرير ( وخز ) وهو مركب من إبريسم ووبر أو صوف لسهولة ضبط كل جزء من هذه الأجزاء ، والأوجه أن المراد بالانضباط هنا معرفة المتعاقدين وزن كل من الأجزاء كما جرى على ذلك الأذرعي خلافا للسبكي لأن القيم والأغراض تتفاوت بذلك تفاوتا ظاهرا ، وعليه ينطبق قول الرافعي في الشرح الصغير لسهولة اختلاطها وأقدارها ( و ) في المختلط خلقة أو بغير مقصود غير أنه من مصلحته ، فمن الثاني نحو ( جبن وأقط ) وما فيهما من ملح وإنفحة من مصالحهما ( و ) من الأول نحو ( شهد ) بفتح الشين وضمها مركب من عسل النحل وشمعه خلقة فهو شبيه بالتمر وفيه النوى ( و ) من الثاني أيضا نحو ( خل تمر أو زبيب ) ولا يضر الماء لأنه من مصلحته ، فعلم أن جبن وما بعده معطوف على عتابي لفساد المعنى بل على المختلط كما تقرر ، ومقابل الأصح في السبعة ينفي الانضباط فيها قائلا بأن كلا من الحرير والملح [ ص: 202 ] والشمع والماء وغيره يقل ويكثر ، والسمك المملح كالجبن ، ويصح السلم في الزبد والسمن كاللبن ، ويشترط ذكر جنس حيوانه ونوعه ومأكوله من مرعى أو علف معين بنوعه ، ويذكر في السمن أنه جديد أو عتيق ، ولا يصح في حامض اللبن لأن حموضته عيب إلا في مخيض لا ماء فيه فيصح فيه ، ولا يضر وصفه بالحموضة لأنها مقصودة فيه ، واللبن المطلق يحمل على الحلو ولو جف ، ويذكر طراوة الزبد وضدها ، ويصح السلم في اللبن كيلا ووزنا ، ويوزن برغوته ولا يكال بها لأنها لا تؤثر في الميزان ، ويذكر نوع الجبن وبلده ورطوبته ويبسه الذي لا تغير فيه .
أما ما فيه تغير فلا يصح فيه لأنه معيب : وعليه يحمل منع الشافعي رضي الله تعالى عنه السلم في الجبن القديم ، والسمن يوزن ويكال وجامده الذي يتجافى في المكيال يوزن كالزبد واللبا المجفف وهو غير المطبوخ ، على أن الأصح صحته في المطبوخ كالمجفف كما دل على ذلك ميل الروضة ، وصححه في تصحيح التنبيه في كل ما دخلته نار لطيفة : أي مضبوطة .
أما غير المجفف فكاللبن ، وما نص عليه في الأم من صحة السلم في الزبد كيلا ووزنا محمول على ما لا يتجافى في المكيال ( لا ) ( الخبز ) فلا يصح السلم فيه ( في الأصح عند الأكثرين ) لاختلاف تأثير النار فيه فلا ينضبط ولأن ملحه يقل ويكثر : والثاني وصححه الإمام ومن تبعه وحكاه المزني عن النص الصحة لأن ناره مضبوطة والملح غير مقصود ، والأشبه كما قاله الأشموني إلحاق النيدة بالخبز .


