( لغير أهله ) بلا خلاف وإن لم يضر بغير رضاهم ; لأنه ملكهم فأشبه الإشراع إلى الدور ( وكذا ) يحرم الإشراع ( لبعض أهله في الأصح ) كسائر الأملاك المشتركة تضرروا بذلك أم لا ( إلا برضا الباقين ) فيجوز وإن أضر وأجمل أهله هنا للعلم به مما سيذكره أنه لا يمنع إلا من بابه بعده أو مقابله كسائر الأملاك المشتركة والثاني يجوز بغير رضاهم إن لم يضر ; لأن كل واحد منهم يجوز [ ص: 399 ] له الانتفاع بقراره فيجوز بهوائه ، وعلى الوجهين يحرم الصلح على إشراعه بمال لما مر ويعتبر إذن لمكتري إن تضرر به ، وبه أفتى ( و ) الطريق ( غير النافذ يحرم الإشراع ) إليه بجناح أو نحوه البغوي ، ويقاس به الموصى له بالمنفعة ونحوه ، ولو وصى بعضهم لبعض بذلك امتنع الرجوع عليهم كما صرح به الماوردي ; لأنه لا سبيل إلى قلعه مجانا لوضعه بحق ، ولا إلى قلعه مع غرم الأرش ; لأنه شريك ، وهو لا يكلف ذلك ، ولا إلى بقائه بأجرة ; لأن الهواء لا أجرة له كما مر .
وقضية ذلك أن الإخراج لو كان فيما لا حق للمخرج فيه بأن كان بين باب داره وصدر السكة كان لمن رضي الرجوع ليقلع ويغرم أرش النقص وهو كذلك ، ولو عبر المصنف بقوله إلا برضا المستحقين كان أولى ليعود الاستثناء للأولى أيضا وهي ما إذا كان المشرع من غير أهله ، ولئلا يتوهم اعتبار إذن من بابه أقرب إلى رأس السكة لمن بابه أبعد مع أنه وجه ، والأصح خلافه بناء على استحقاق كل إلى بابه لا إلى آخر الدرب كما يعلم من قوله الآتي ( من نفذ باب داره إليه ) قال ( وأهله ) أي الدرب غير النافذ الزركشي أخذا من كلام غيره : والمراد من له المرور فيه إلى ملكه من دار أو بئر أو فرن أو حانوت ( لا من لاصقه جداره ) من غير نفوذ باب فيه ; لأن أولئك هم المستحقون للانتفاع ، ولا يتوقف دخول بعضهم على إذن الباقين بل ولا يؤثر لمنعهم بخلافه في العرصة المشتركة ; لأن التوقف على الإذن هنا يؤدي لتعطيل الأملاك بخلافه ثم قاله القاضي ، بل لغيرهم الدخول بلا إذن ; لأنه من الحلال المستفاد بقرينة الحال ، والظاهر أخذا من كلام البلقيني وغيره جواز الدخول وإن كان فيهم محجور عليه وكذا الشرب من نهره وإن كان الورع خلافه ، ومن ذلك ما صرحوا به من ، لكن قيده جواز المرور بملك الغير العبادي بما إذا لم يصر به طريقا للناس وغيره [ ص: 400 ] بما جرت به العادة بالمسامحة فيه ، ويمكن رد أحدهما للآخر ، ويكره إكثاره هنا وفي أرض استحق المرور فيها بلا حاجة .
قال القاضي : وليس لغيرهم الجلوس فيه بغير إذنهم .
قال غيره : وعليه فلا يجوز لهم أن يأذنوا فيه بأجرة كما ليس لهم بيعه مع أنه ملكهم ، وقول الماوردي هو تابع لملكهم وليس ملكهم ضعيف .
ا هـ وقد يفرق بأن البيع إنما امتنع ; لأن فيه إتلافا لأملاكهم بعدم ممر لها ، وحينئذ فيقيد بما إذا لم يكن اتخاذ ممر لها من جهة أخرى ، والإجارة ليس فيها ذلك ففي المنع منها نظر أي نظر ، على أن في توقف مطلق الجلوس على إذنهم نظرا أيضا ، فالأوجه حمله على جلوس لا يتسامح به عادة ، وأن ما يتوقف على الإذن يجوز أن يكون بأجرة ( وهل الاستحقاق في كلها ) أي الطريق المذكورة وهي تذكر وتؤنث فزعم أن هذا سهو هو السهو ( لكلهم ) أي لكل منهم فالكل هنا الكل الإفرادي لا المجموعي ; إذ لا نزاع فيه ; لأنهم ربما احتاجوا إلى التردد والارتفاق بكله لطرح القمامات عند الإدخال والإخراج ( أم تختص شركة كل واحد ) منهم ( بما بين رأس الدرب وباب داره وجهان أصحهما الثاني ) ; لأن ذلك القدر هو محل تردده ومروره ، وما عداه هو فيه كالأجنبي من السكة ، ولأهل الدرب المذكور قسمة صحته كسائر المشتركات القابلة للقسمة ، ولو أراد الأسفلون لا الأعلون سد ما يليهم أو قسمته جاز ; لأنهم يتصرفون في ملكهم بخلاف الأعلين ، ولو اتفقوا على سد رأس السكة لم يمنعوا منه ، ولم يفتحه بعضهم بغير رضا الباقين .
نعم إن سد بآلة نفسه خاصة فله فتحه بغير رضاهم .
ويؤخذ من كلام ابن المقري ، وصرح به أصله أنه لو امتنع بعضهم من سده لم يكن للباقين السد .