[ ص: 67 ] فصل يسن تعجيل الإفطار إذا تحقق غروب الشمس ( ع ) وتأخير السحور    ( ع ) ما لم يخش طلوع الفجر ( و ) ذكره  أبو الخطاب  والأصحاب ، للأخبار ، ولأنه أقوى على الصوم ، وللتحفظ من الخطأ والخروج من الخلاف ، وظاهر كلام  الشيخ    : يستحب السحور مع الشك في الفجر  ، وذكر أيضا قول أبي داود    : قال  أبو عبد الله    : إذا شك في الفجر يأكل حتى يستيقن طلوعه ، وأنه قول  ابن عباس   وعطاء  والأوزاعي  ، قال  أحمد    : يقول الله تعالى { وكلوا واشربوا    } الآية ، وذكر  الشيخ  أيضا قول رجل  لابن عباس    : إني أتسحر فإذا شككت أمسكت ، فقال  ابن عباس    : كل ما شككت حتى لا تشك . وقول  أبي قلابة    : قال  الصديق  رضي الله عنه وهو يتسحر : يا غلام أجف حتى لا يفجأنا الفجر ، رواهما سعيد    . ولا يعرف لهما مخالف ، ولعل مراد غير  الشيخ  الجواز وعدم المنع بالشك ، وكذا جزم ابن الجوزي  وغيره أنه يأكل حتى يستيقن ، وأنه ظاهر كلام  أحمد  ، وكذا خص الأصحاب المنع بالمتيقن ، كشكه في نجاسة طاهر . 
وقال الآجري   وغيره : لو قال لعالمين ارقبا الفجر ، فقال أحدهما : طلع ، وقال الآخر : لم يطلع أكل حتى يتفقا ، وأنه قول  أبي بكر   [ ص: 68 ]  وعمر   وابن عباس  وغيرهم . واحتج من لم ير صوم يوم ليلة الغيم بالأكل مع الشك في الفجر . وأجاب  القاضي  وغيره بأن البناء على الأصل هنا لا يسقط العبادة ، والبناء على الأصل في مسألة الغيم يسقط الصوم ، وللمشقة هنا ، لتكراره ، والغيم نادر . واقتصر صاحب المحرر في الجواب على المشقة مع ما في الغيم من الخبر . وذكر  ابن عقيل  في الفصول : إذا خاف طلوع الفجر وجب عليه أن يمسك جزءا من الليل يتحقق له صوم جميع اليوم ، وجعله أصلا لوجوب صوم يوم ليلة الغيم ، وقال : لا فرق . ثم ذكر هذه المسألة في موضعها وأنه لا يحرم الأكل مع الشك في الفجر ، وزاد : بل يستحب ، كذا قال . وفي المستوعب والرعاية : الأولى أن لا يأكل مع شكه في طلوعه . وكذا جزم صاحب المحرر مع جزمه بأنه لا يكره . ولا يستحب تأخير الجماع    ( و ) لأنه لا يتقوى به ، ويكره مع الشك في الفجر ، ولا يكره الأكل والشرب مع الشك فيه . نص على المسألتين ، ولا يجب إمساك جزء من الليل في أوله وآخره ، في ظاهر كلام جماعة ، وهو ظاهر ما سبق أو صريحه ، وذكر ابن الجوزي  أنه أصح الوجهين (  م  ر ) وقطع جماعة بوجوبه في أصول الفقه وفروعه ، وأنه مما لا يتم الواجب إلا به ، وذكره في الفنون وأبو يعلى الصغير  وفاقا في صوم يوم ليلة الغيم ، وهذا يناقض ما ذكروه هنا ، وذكره  القاضي  في الخلاف في النية من الليل ظاهر كلام  أحمد  ، وأنه مذهبنا ، لئلا يفوت بعض النهار عن النية ، والصوم يدخل فيه بغير فعله ، فلا يمكنه مقارنة النية حال الدخول فيه ، بخلاف الصلاة ، كذا قال  [ ص: 69 ] وسبق في النية من الليل ، والمراد بالفجر الصادق ، وهو البياض المعترض ، فيحرم الأكل وغيره بطلوعه ( و ) في قول عامة العلماء ، لحديث {  عدي بن حاتم  في قوله تعالى : { حتى يتبين لكم الخيط الأبيض    } إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار   } ، ولحديث  ابن عمر   وعائشة    {   : إن  بلالا  يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن  ابن أم مكتوم  فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر   } متفق عليهما ،  ولأحمد   ومسلم  وأبي داود  عن  عائشة    ; { أن رجلا قال : يا رسول الله ، تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم ؟ فقال : وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم فقال : لست مثلنا يا رسول الله ، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، فقال : والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقى   } ، يدل على أن وقت صلاة الفجر من وقت الصوم ، وذكر  أحمد  في رواية عبد الله  قوله عليه السلام : { لا يمنعنكم من السحور أذان  بلال  والفجر المستطيل   } وقال عن قيس بن طلق  عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم {   : ليس الفجر الأبيض المعترض ، ولكنه الأحمر   } كذا وجدته ، ولفظه في مسنده { ليس الفجر بالمستطيل في الأفق ولكنه المعترض الأحمر   } ولأبي داود  ، والترمذي  وقال : حسن غريب { كلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر   } فيحتمل أن  أحمد  قال به ، وأنه رواية  عنه  ، ولكن قيسا  عنده ضعيف . 
وعن  عاصم  عن  زر    : { قلت  لحذيفة    : أي ساعة تسحرت مع النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع   } ، رواه  ابن ماجه    . ورواه  النسائي  أيضا من حديث  شعبة  عن  عدي بن ثابت   [ ص: 70 ] عن  زر  ، وعن  أبي يعفور  عن إبراهيم  عن صلة  ولم يرفعاه ، وقال : لا يعلم أحدا رفعه غير  عاصم  ، فإن كان رفعه صحيحا فمعناه أنه قرب النهار ، ولفظ  أحمد    : قلت : { أبعد الصبح ؟ قال : نعم ، هو الصبح غير أن لم تطلع الشمس   } .  وعاصم  في حديثه اضطراب ونكارة ، فرواية الإثبات أولى ، 
وقال  ابن عمر    : إن  ابن أم مكتوم  كان لا يؤذن حتى يقال له : أصبحت أصبحت . متفق عليه ، ومعناه قرب الصبح وعن  أبي هريرة  مرفوعا : { إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه   } رواه أبو داود  ، فإن صح فمعناه أنه لم يتحقق طلوع الفجر . 
وقال  مسروق    : لم يكونوا يعدون الفجر فجركم ، إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق . ذكره  ابن المنذر  وغيره ، فإن صح فهو رأي طائفة ، مع احتمال معناه تحقق طلوع الفجر . والمذهب : له الفطر بالظن ( و ) لأن الناس أفطروا في عهده عليه السلام ثم طلعت الشمس ، وكذا أفطر  عمر  والناس في عهده كذلك ، ولأن ما عليه أمارة يدخله التحري ، ويقبل فيه قول الواحد ، كالوقت والقبلة ، بخلاف الصلاة . 
وقال في التلخيص : يجوز الأكل بالاجتهاد في أول اليوم ، ولا يجوز في آخره إلا بيقين ولو أكل ولم يتيقن لزمه القضاء في الآخر ، ولم يلزمه في الأول ، وقاله بعض الشافعية . وإذا غاب حاجب الشمس الأعلى أفطر الصائم حكما وإن لم يطعم ، ذكره في المستوعب وغيره ، وقوله عليه السلام : { إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم   }  [ ص: 71 ] أي أفطر شرعا ، فلا يثاب على الوصال ، كما هو ظاهر المستوعب ، وقد يحتمل أنه يجوز له الفطر والعلامات الثلاث متلازمة ، ذكره في شرح  مسلم  عن العلماء ، وإنما جمع بينها لئلا يشاهد غروب الشمس فيعتمد على غيرها ، كذا قال : ورأيت بعض أصحابنا يتوقف في هذا ويقول : يقبل الليل مع بقاء الشمس ؟ ولعله ظاهر المستوعب . والله أعلم . 
				
						
						
