والكفارة على الترتيب ، فيجب عتق رقبة ، فإن لم يجدها صام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا ، مثل كفارة الظهار ، في ظاهر المذهب ( و هـ ش ) ويأتي فيها [ إن شاء الله تعالى ] اعتبار سلامة الرقبة وكونها مؤمنة ، ولا يحرم هنا الوطء قبل التكفير ، ولا في ليالي صوم الكفارة ، ذكره في الرعاية ، وأظنه في التلخيص وغيره ، ككفارة القتل ، ذكره فيها القاضي وأصحابه ، وحرمه ابن الحنبلي في كتابه أسباب النزول ، عقوبة ، وعنه : إنها على التخيير بين العتق والصيام والإطعام ، فبأيها كفر أجزأه ( و م ر )
لأن في الصحيحين من [ ص: 87 ] حديث مالك عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة { أن رجلا أفطر في رمضان ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يكفر بعتق رقبة } . وفيهما من حديث ابن جريج عن ابن شهاب عن حميد عن أبي هريرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلا أفطر في رمضان أن يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا } ، وتابعهما أكثر من عشرة ، وخالفهم أكثر من ثلاثين ، فرووه عن الزهري بهذا الإسناد أن إفطار ذلك الرجل كان بجماع ، { وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : هل تجد ما تعتق رقبة ؟ قال : لا ، قال : هل تسطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ . قال : لا ، قال : هل تجد ما تطعم ستين مسكينا ؟ قال : لا . ثم جلس فأتي للنبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر فقال : تصدق بهذا . قال : على أفقر منا ؟ قال : اذهب فأطعمه أهلك } وفي أوله : { هلكت يا رسول الله ، قال : وما أهلكك ؟ قال : وقعت على امرأتي في رمضان } . متفق عليه ، وهو أولى ، لأنه لفظ النبي صلى الله عليه وسلم ، ومشتمل على زيادة ، ورواه الأكثر ، وللدارقطني : هلكت وأهلكت . وضعف هذه الزيادة البيهقي ، وصنف الحاكم ثلاثة أجزاء في إبطالها . ولأبي داود بإسناد جيد من حديث هشام بن سعد عن الزهري عن أبي سلمة عنه { وصم يوما مكانه وقال : فأتى بعرق فيه تمر قدر خمسة عشر صاعا } ، وله من حديث عائشة : فيه عشرون صاعا ، وهشام تكلم فيه ، وروى له مسلم ، وتابعه عبد الجبار بن عمر في الصوم ، [ ص: 88 ] وهو ضعيف ، ورواه ابن ماجه ، وتابعه أبو أويس عن الزهري عن حميد وفيه كلام ، روى ذلك الدارقطني وتابعه إبراهيم بن سعد عن الليث عن الزهري . وبحر بن كثير عن الزهري ، ذكره البيهقي ، وأشار هو وغيره إلى صحة هذه الزيادة ، والله أعلم
، وعن ابن عباس : عتق رقبة أو صوم شهر أو إطعام ثلاثين مسكينا ، وعن الحسن : عتق رقبة أو إهداء بدنة أو إطعام عشرين صاعا أربعين مسكينا ، وعن عطاء نحوه ، ولمالك في الموطإ عن عطاء الخراساني عن ابن المسيب مرسلا نحوه ، ولم يذكر عدد المساكين ، وفيه : وصم يوما . ومذهب ( م ) هذه الكفارة إطعام فقط ، كذا قال . والإطعام كما يأتي في كفارة الظهار إن شاء الله تعالى . وإن قدر على العتق في الصيام لم يلزمه الانتقال ، نص عليه ، ويلزم من قدر قبله ، ويأتي ما يتعلق بذلك في الظهار [ إن شاء الله تعالى ] وتسقط هذه الكفارة بالعجز ، في ظاهر المذهب ، نص عليه ( و ق ) زاد بعضهم : بالمال ، وقيل : والصوم كذا قال ، لأنه عليه السلام لم يأمر الأعرابي بها أخيرا ، ولم يذكر له بقاءها في ذمته ، وكصدقة الفطر ، وعنه : لا تسقط ( و هـ ش ) لأنه عليه السلام أمر بها الأعرابي لما جاءه العرق بعدما أخبره بعسرته ، ولعل هذه الرواية أظهر ، قال [ ص: 89 ] بعضهم : فلو كفر غيره عنه بإذنه وقيل : أو دونها فله أخذها . وعنه : لا يأخذها . وأطلق ابن أبي موسى : هل يجوز له أكلها أم كان خاصا بذاك الأعرابي ؟ على روايتين ، ويتوجه احتمال أنه عليه السلام رخص للأعرابي فيه لحاجته ، ولم يكن كفارة . ولا تسقط غير هذه الكفارة بالعجز ، مثل كفارة الظهار واليمين وكفارات الحج ونحو ذلك ، نص عليه ، قال صاحب المحرر وغيره وعليه أصحابنا لعموم أدلتها حالة الإعسار ، ولحديث سلمة بن صخر في الظهار ، ولأنه القياس خولف في رمضان للنص ، كذا قالوا : للنص ، وفيه نظر ، ولأنها لم تجب بسبب الصوم ، قال القاضي وغيره : وليس الصوم سببا للكفارة وإن لم تجب إلا بالصوم والجماع ، لأنه لا يجوز اجتماعهما . وعنه : تسقط ، ومذهب ( ش ) هي كرمضان ، إلا جزاء الصيد ، لأن فيه معنى العقوبة والغرامة ، وذكر غير واحد أنه تسقط كفارة وطء الحائض بالعجز ، على الأصح ، وعنه : بالعجز عن كلها ، لأنه لا بدل فيها .
وقال ابن حامد : تسقط مطلقا ، كرمضان . وأكله الكفارات بتكفير غيره عنه كرمضان ، وعنه : تختص بالوطء في رمضان ، اختاره أبو بكر ، وإن ملكه ما يكفر به وقلنا له أخذه هناك فله هنا أكله ، وإلا أخرجه عن نفسه . وقيل : هل له أكله أو يلزمه التكفير به ؟ على روايتين .


