الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
7362 - لم يزل أمر بني إسرائيل معتدلا حتى نشأ فيهم المولدون وأبناء سبايا الأمم التي كانت بنو إسرائيل تسبيها ، فقالوا بالرأي ، فضلوا وأضلوا (هـ طب) عن ابن عمرو. (ح)

التالي السابق


(لم يزل أمر بني إسرائيل) ذرية يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم (معتدلا) أي متساويا منتظما لا اعوجاج فيه ولا خلل يعتريه ، وفي رواية: مستقيما بدل معتدلا (حتى نشأ فيهم المولدون) جمع مولد بالفتح ، وهو الذي ولد ونشأ بينهم وليس منهم (وأبناء سبايا الأمم التي كانت بنو إسرائيل تسبيها ، فقالوا بالرأي ، فضلوا وأضلوا) أي وكذلك يكون أمر هذه الأمة. قال ابن تيمية: وقد دخل في هذه الأمة أيضا من الآثار الرومية قولا وعملا ، والآثار الفارسية قولا وعملا ما لا خفاء به على من من الله عليهم بدين الإسلام وما حدث فيه ، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما أشبه الليلة بالبارحة ، هؤلاء بنو إسرائيل شبهنا بهم ، وقال ابن مسعود: إنهم أشبه الأمم بنا سمتا وهديا ، يتبعون عملهم حذو القذة بالقذة ، غير أني لا أدري أتعبدون العجل أم لا ، ومقصود الحديث التحذير من العمل بالرأي بالقول المجرد الذي لا يستند إلى أصل من الدين ، وعلى ذلك درج أكابر الصحابة فمن بعدهم ، فقد خرج أبو داود - قال ابن حجر: بسند حسن - عن علي: لو كان الدين بالرأي لكان مسح أسفل الخف أولى من أعلاه ، وخرج البيهقي في المدخل عن عمر: اتقوا الرأي في دينكم ، والطبراني عنه: اتهموا الرأي على الدين ، والحاصل أن المصير إلى الرأي إنما يكون عند فقد النص ،كما يشير إليه قول الشافعي فيما خرجه البيهقي بسند - قال ابن حجر: صحيح - إلى أحمد: سمعت الشافعي يقول: القياس عند الضرورة ، ومع ذلك فليس العامل برأيه على ثقة من أنه وقع في المراد من الحكم في نفس الأمر ، وإنما عليه بذل الوسع في الاجتهاد ليؤجر ولو أخطأ ، وخرج البيهقي وابن عبد البر عن جمع من أكابر التابعين كالحسن وابن سيرين والشعبي والنخعي بأسانيد - قال ابن حجر: جياد - ذم القول بالرأي المجرد ، ويجمع ذلك كله خبر " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به " خرجه الحسن بن سفيان وغيره ، قال ابن حجر: ورجاله ثقات ، وصححه النووي في الأربعين ، وأما هذا الخبر ونحوه فظاهر في أنه أراد من قال بالرأي مع وجود النص من الحديث ، لإغفاله التنقيب عليه ، فهذا ملوم ، وأولى منه باللوم من عرف النص وعمل بمعارضه من الرأي يرده بالتأويل ، قال ابن عبد البر: واختلف في الرأي المقصود بالذم ، فقيل: القول في الاعتقاد بمخالفة السنن ، لأنهم استعملوا آراءهم وأقيستهم في رد الأحاديث ، حتى طعنوا في المتواتر منها ، وقال الأكثر: الرأي المذموم: القول في الأحكام بالاستحسان ، والتشاغل بالأغلوطات ، ورد بعض الفروع لبعض دون ردها لأصول السنن ، وأضاف كثير لذلك من يتشاغل بالإكثار من النوادر قبل وقوعها ، لما في الاستغراق فيه من التعطيل

(هـ طب) وكذا البزار (عن ابن عمرو) بن العاص، وفيه عند ابن ماجه سويد بن سعيد ، أورده الذهبي في الضعفاء وقال: منكر الحديث ، لكنه في المنار بعد عزوه للبزار قال: إنه حديث حسن .



الخدمات العلمية