الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
7445 - لو تعلمون ما أنتم لاقون بعد الموت ما أكلتم طعاما على شهوة أبدا ، ولا شربتم شرابا على شهوة أبدا ، ولا دخلتم بيتا تستظلون به ، ولمررتم إلى الصعدات تلدمون صدوركم وتبكون على أنفسكم (ابن عساكر) عن أبي الدرداء. (ض)

التالي السابق


(لو تعلمون ما أنتم لاقون بعد الموت) من الأهوال والشدائد (ما أكلتم طعاما على شهوة أبدا ، ولا شربتم شرابا على شهوة أبدا ، ولا دخلتم بيتا تستظلون به) لأن العبد إما محاسب فهو معاقب ، وإما معاتب والعتاب أشد من ضرب الرقاب ، فإذا نظر العاقل إلى تقصيره في حق ربه الذي رادف عليه إنعامه في كل طرفة عين ، وأنه مع ذلك يستره ويسامحه ، ذاب كما يذوب الملح ، وفي بعض الكتب القديمة قال داود: يا رب ، أخبرني ما أدنى نعمتك علي ، قال: تنفس ، فتنفس ، فقال: هذا أدناها ، وعبد الله عابد خمسين عاما ، فأوحى إليه: قد غفرت لك ، قال: يا رب أنا لم أذنب ، فأمر الله عرقا فضرب عليه ، فلم يصم ولم يصل ، فسكن فنام ، فأوحى الله إليه: أعبادتك الخمسين سنة تعدل سكون العرق ؟ وفي أبي داود عن الحبر مرفوعا: إن الله لو عذب أهل سماواته لعذبهم وهو غير ظالم لهم ، ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم (ولمررتم على الصعدات) جمع صعد بضمتين ، وهو جمع صعيد ، وهو وجه الأرض ، وقيل التراب ، ولا معنى له هنا ، والمراد: لخرجتم من منازلكم إلى الصحراء (تلدمون) تضربون (صدوركم) حيرة وإشفاقا ، وشأن المحزون أن يضيق به المنزل ، فيطلب الفضاء الخالي ، يشكون بثهم ودهشة لبهم (وتبكون على أنفسكم) خوفا من عظيم سطوة الله وشدة انتقامه فليحذر الذين يخالفون عن أمره ولهذا لما طعن عمر وقرب موته ، كان رأسه على فخذ ابنه فقال: ضعه على الأرض ، فقال: ما عليك إن كان على فخذي أو على الأرض ، فقال: ضعه ، ويلي إن لم يرحمني ، فقال ابن عباس: يا أمير المؤمنين ، ما هذا الخوف ؟ قد فتح الله بك الفتوح ومصر بك الأمصار وفعل وفعل ، قال: وددت أن أنجو لا علي ولا لي ، وقال أحمد بن حنبل: منعني الخوف من الطعام والشراب فلا أشتهيه

(ابن عساكر) في تاريخه (عن أبي الدرداء) .



الخدمات العلمية