( قال ) وتفرق ثلاثة أخماس الخمس على من سمى الله عز وجل على اليتامى والمساكين وابن السبيل في بلاد الإسلام كلها يحصون ، ثم توزع بينهم لكل صنف منهم سهمه كاملا لا يعطى واحد من أهل السهمان سهم صاحبه . الشافعي
( قال ) وقد مضى النبي صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي ماضيا وصلى الله عليه وملائكته [ ص: 155 ] فاختلف أهل العلم عندنا في سهمه فمنهم من قال : يرد على السهمان التي ذكرها الله عز وجل معه ; لأني رأيت المسلمين قالوا فيمن سمي له سهم من أهل الصدقات فلم يوجد يرد على من سمي معه . وهذا مذهب يحسن ، وإن كان قسم الصدقات مخالفا قسم الفيء ، ومنهم من قال : يضعه الإمام حيث رأى على الاجتهاد للإسلام وأهله ، ومنهم من قال يضعه في الكراع والسلاح . الشافعي
( قال ) والذي أختار أن يضعه الإمام في كل أمر حصن به الإسلام وأهله من سد ثغر وإعداد كراع ، أو سلاح ، أو إعطاء أهل البلاء في الإسلام نفلا عند الحرب وغير الحرب إعدادا للزيادة في تعزير الإسلام وأهله على ما صنع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعطى المؤلفة ونفل في الحرب وأعطى عام الشافعي خيبر نفرا من أصحابه من المهاجرين والأنصار أهل الحاجة وفضل وأكثرهم أهل فاقة نرى ذلك كله والله تعالى أعلم من سهمه .
وقال بعض الناس بقولنا في وزاد سهم اليتامى والمساكين وابن السبيل وسهم ذي القربى : فقلت له أعطيت بعض من قسم الله عز وجل له ماله وزدته ومنعت بعض من قسم الله له ماله فخالفت الكتاب والسنة فيما أعطيت ومنعت . سهم النبي صلى الله عليه وسلم
فقال : ليس لذي القربى منه شيء .
( قال ) وكلمونا فيه بضروب من الكلام قد حكيت ما حضرني منها وأسأل الله التوفيق فقال : بعضهم ما حجتكم فيه ؟ الشافعي الحجة الثابتة من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه . قلت
وذكرت له القرآن والسنة فيه قال فإن روى عن سفيان بن عيينة قال : سألت محمد بن إسحاق ما صنع أبا جعفر محمد بن علي رحمه الله في الخمس ؟ فقال سلك به طريق علي أبي بكر وكان يكره أن يؤخذ عليه خلافهما ، وكان هذا يدل على أنه كان يرى فيه رأيا خلاف رأيهما فاتبعهما . وعمر
له هل علمت أن فقلت قسم على العبد والحر وسوى بين الناس وقسم أبا بكر فلم يجعل للعبيد شيئا وفضل بعض الناس على بعض وقسم عمر فلم يجعل للعبيد شيئا وسوى بين الناس ؟ قال : نعم : علي أفتعلمه خالفهما معا ؟ قال : نعم : قلت أو تعلم قلت قال : لا تباع أمهات الأولاد وخالفه عمر ؟ قال : نعم : علي وتعلم أن قلت خالف عليا في الجد ؟ قال : نعم : أبا بكر فكيف جاز لك أن يكون هذا الحديث عندك على ما وصفت من أن قلت رأى غير رأيهما فاتبعهما وبين عندك أنه قد يخالفهما فيما وصفنا ، وفي غيره ؟ قال : فما قوله سلك به طريق عليا أبي بكر ، وعمر هذا كلام جملة يحتمل معاني فإن قلت كيف صنع فيه قلت ؟ فذلك يدلني على ما صنع فيه علي أبو بكر . وعمر
( قال ) وأخبرنا عن الشافعي جعفر بن محمد عن أبيه أن حسنا وحسينا وعبد الله بن عباس سألوا وعبد الله بن جعفر رضي الله عنه وعنهم نصيبهم من الخمس فقال : هو لكم حق ولكني محارب عليا فإن شئتم تركتم حقكم منه . معاوية
( قال ) فأخبرت بهذا الحديث الشافعي فقال : صدق : هكذا كان عبد العزيز بن محمد جعفر يحدثه أفما حدثكه عن أبيه عن جده ؟ : لا قال ما أحسبه إلا عن جده : قال : قلت له فقلت أجعفر أوثق وأعرف بحديث أبيه أم ؟ قال : بل ابن إسحاق جعفر ، له هذا بين لك إن كان ثابتا أن ما ذهبت إليه من ذلك على غير ما ذهبت إليه فينبغي أن يستدل أن فقلت أبا بكر أعطياه أهله وعمر
( قال ) الشافعي مرسل عن محمد بن علي أبي بكر وعمر لا أدري كيف كان هذا الحديث ، وعلي : وكيف احتججت به إن كان حجة فهو عليك ، وإن لم يكن حجة فلا تحتج بما ليس بحجة واجعله كما لم يكن : قال : فهل في حديث قلت جعفر أعطاهموه ؟ أيجوز على قلت ، أو على رجل دونه أن يقول هو لكم حق ثم يمنعهم ؟ قال : نعم إن طابت أنفسهم قلنا : وهم إن طابت أنفسهم عما في أيديهم من مواريث آبائهم وأكسابهم حل له أخذه . علي
قال : فإن الكوفيين قد رووا فيه عن أبي بكر شيئا أفعلمته ؟ وعمر : نعم ورووا ذلك عن [ ص: 156 ] قلت أبي بكر مثل قولنا ، قال : وما ذاك ؟ وعمر أخبرنا قلت عن إبراهيم بن محمد ورجل لم يسمه كلاهما عن مطر الوراق الحكم بن عيينة عن ، قال : لقيت عبد الرحمن بن أبي ليلى عند أحجار الزيت ، فقلت له بأبي وأمي ما فعل عليا أبو بكر في حقكم أهل وعمر البيت من الخمس ؟ فقال : أما علي فلم يكن في زمانه أخماس وما كان ، فقد أوفاناه وأما أبو بكر فلم يزل يعطيناه حتى جاء مال عمر السوس والأهواز ، أو قال : فارس قال الربيع أنا أشك " فقال : في حديث مطر ، أو حديث الآخر ، فقال : في المسلمين خلة فإن أحببتم تركتم حقكم فجعلناه في خلة المسلمين حتى يأتينا مال فأوفيكم حقكم منه : فقال العباس لا نطمعه في حقنا : فقلت يا لعلي أبا الفضل ألسنا أحق من أجاب أمير المؤمنين ورفع خلة المسلمين فتوفي قبل أن يأتيه مال فيقضيناه . عمر
وقال الحكم في حديث مطر أو الآخر إن قال : لكم حق ، ولا يبلغ علمي إذ كثر أن يكون لكم كله فإن شئتم أعطيتكم منه بقدر ما أرى لكم فأبينا عليه إلا كله فأبى أن يعطينا كله ، فقال : فإن الحكم يحكى عن عمر أبي بكر أنهما أعطيا ذوي القربى حقهم ، ثم تختلف الرواة عنه في وعمر فتقول مرة أعطاهم حتى جاءهم مال عمر السوس ثم استسلفه منهم للمسلمين .
وهذا تمام على إعطائهم القليل والكثير منه وتقول مرة أعطاهموه حتى كثر ، ثم عرض عليهم حين كثر أن يعطيهم بعض ما يراه لهم حقا لا كله ، وهذا أعطاهم بعضه دون بعض ، وقد روى الزهري عن عن ابن هرمز عن ابن عباس قريبا من هذا المعنى قال : فكيف يقسم سهم ذي القربى وليست الرواية فيه عن عمر أبي بكر متواطئة ؟ وكيف يجوز أن يكون حقا لقوم ، ولا يثبت عنهما من كل وجه أنهما أعطياه عطاء بينا مشهورا ؟ وعمر له قولك هذا قول من لا علم له ، قال : وكيف ؟ فقلت هذا الحديث يثبت عن قلت أنه أعطاهموه في هذا الحديث أبي بكر حتى كثر المال ، ثم اختلف عنه في الكثرة وعمر أرأيت مذهب أهل العلم في القديم والحديث إذا كان الشيء منصوصا في كتاب الله عز وجل مبينا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أو فعله أليس يستغنى به عن أن يسأل عما بعده ويعلم أن فرض الله عز وجل على أهل العلم اتباعه ؟ قال : بلى : وقلت : قلت أفتجد سهم ذي القربى مفروضا في آيتين من كتاب الله تبارك وتعالى مبينا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وفعله ثابت بما يكون من أخبار الناس من وجهين ، أحدهما ثقة المخبرين به واتصاله وأنهم كلهم أهل قرابة برسول الله صلى الله عليه وسلم قلت الزهري من أخواله من أخوال أبيه وابن المسيب ابن عمه وكلهم قريب منه في جذم النسب وهم يخبرونك مع قرابتهم وشرفهم أنهم مخرجون منه وأن غيرهم مخصوص به دونه ويخبرك أنه طلبه هو وجبير بن مطعم وعثمان فمنعاه وقرابتهما في حدم النسب قرابة بني المطلب الذين أعطوه .
قال نعم : فمتى تجد سنة أبدا أثبتت بفرض الكتاب وصحة الخبر وهذه الدلالات من هذه السنة لم يعارضها عن النبي صلى الله عليه وسلم معارض بخلافها وكيف تريد إبطال اليمين مع الشاهد بأن تقول : ظاهر الكتاب يخالفهما ، وهو لا يخالفهما ، ثم نجد الكتاب بينا في حكمين منه بسهم ذي القربى من الخمس معه السنة فتريد إبطال الكتاب والسنة هل تعلم قولا أولى بأن يكون مردودا من قولك هذا وقول من قال قولك ؟ . قلت
( قال ) له أرأيت لو عارضك معارض بمثل حجتك فقال أراك قد أبطلت الشافعي ، فأنا أبطل سهم اليتامى والمساكين وابن السبيل قال : ليس ذلك له قلنا فإن قال فأثبت لي أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاهموه ، أو أن سهم ذي القربى من الخمس أبا بكر أعطاهموه ، أو أحدهما . قال : ما فيه خبر ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عمن بعده غير أن الذي يجب علينا أن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه من أعطى الله إياه ، وأن وعمر أبا بكر عملا بذلك بعده إن [ ص: 157 ] شاء الله تعالى : قلنا أفرأيت لو قال : فأراك تقول نعطي اليتامى والمساكين وابن السبيل سهم النبي صلى الله عليه وسلم وسهم ذي القربى فإن جاز لك أن يكون الله عز وجل قسمه على خمسة فجعلته لثلاثة فأنا أجعله كله لذوي القربى ; لأنهم مبدءون في الآية على اليتامى والمساكين وابن السبيل لا يعرفون معرفتهم ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ذوي القربى ، ولا أجد خبرا مثل الخبر الذي يحكي أنه عليه الصلاة والسلام أعطى ذوي القربى سهمهم واليتامى والمساكين وابن السبيل ، ولا أجد ذلك عن وعمر ، ولا أبي بكر فقال : ليس ذلك له : قلنا ولم ؟ قال : لأن الله تعالى إذ قسم لخمسة لم يجز أن يعطاها واحد . عمر
فكيف جاز لك . وقد قسم الله عز وجل لخمسة أن أعطيته ثلاثة وذوو القربى موجودون ؟ ( قال قلت ) رحمه الله تعالى : فقال لعل هذا إنما كان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لمكانهم منه فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن لهم الشافعي له أيجوز لأحد نظر في العلم أن يحتج بمثل هذا ؟ قال ولم لا يجوز إذا كان يحتمل ، وإن لم يكن ذلك في الخبر ، ولا شيء يدل عليه ؟ قلت : فإن عارضك جاهل بمثل حجتك فقال : ليس لليتامى والمساكين وابن السبيل بعد النبي صلى الله عليه وسلم شيء ; لأنه يحتمل أن يكون ذلك حقا ليتامى قلت المهاجرين والأنصار الذين جاهدوا في سبيل الله مع رسوله وكانوا قليلا في مشركين كثير ونابذوا الأبناء والعشائر وقطعوا الذمم وصاروا حزب الله فهذا لأيتامهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم ، فإذا مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصار الناس مسلمين ورأينا ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن لآبائه سابقة معه من حسن اليقين والفضل أكثر ممن يرى أخذوا وصار الأمر واحد فلا يكون لليتامى والمساكين وابن السبيل شيء إذا استوى في الإسلام ، قال ليس ذلك له ولم ؟ قال ; لأن الله عز وجل إذا قسم شيئا فهو نافذ لمن كان في ذلك المعنى إلى يوم القيامة قلت له ، فقد قسم الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم لذوي القربى فلم لم تره نافذا لهم إلى يوم القيامة ؟ قال : فما منعك أن أعطيت ذوي القربى أن تعطيهم على معنى الحاجة فيقضى دين ذي الدين ويزوج العزب ويخدم من لا خادم له ، ولا يعطى الغني شيئا : قلت له منعني أني وجدت كتاب الله عز وجل ذكره في قسم الفيء وسنة النبي صلى الله عليه وسلم المبينة عن كتاب الله عز وجل على غير هذا المعنى الذي دعوت إليه ، وأنت أيضا تخالف ما دعوت إليه . قلت
فتقول لا شيء لذوي القربى ، قال : إني أفعل فهلم الدلالة على ما قلت قول الله عز وجل { قلت وللرسول ولذي القربى } فهل تراه أعطاهم بغير اسم القرابة ؟ قال : لا ، وقد يحتمل أن يكون أعطاهم باسم القرابة ومعنى الحاجة : فإن وجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى من ذوي القربى غنيا لا دين عليه ، ولا حاجة به بل يعول عامة أهل بيته ويتفضل على غيره لكثرة ماله ، وما من الله عز وجل به عليه من سعة خلقه ، قال : إذا يبطل المعنى الذي ذهبت إليه ، قلت ، فقد أعطى قلت أبا الفضل العباس بن عبد المطلب ، وهو كما وصفت في كثرة المال يعول عامة بني المطلب ويتفضل على غيرهم ، قال : فليس لما من أن يعطوا على الحاجة معنى إذا أعطيه الغني ، قلت له أرأيت لو عارضك معارض أيضا فقال : قال : الله عز وجل في الغنيمة { وقلت واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه } الآية ، فاستدللنا أن الأربعة الأخماس لغير أهل الخمس فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها من حضر القتال ، وقد يحتمل أن يكون أعطاهموها على أحد معنيين ، أو عليهما ، فيكون أعطاها أهل الحاجة ممن حضر دون أهل الغنى عنه ، أو قال : قد يجوز إذا كان بالغلبة [ ص: 158 ] أعطاهموه أن يكون أعطاه أهل البأس والنجدة دون أهل العجز عن الغناء ، أو أعطاه من جمع الحاجة والغناء ما تقول له ؟ قال : أقول : ليس ذلك له قد أعطى الفارس ثلاثة أسهم والراجل سهما : أفيجوز أن يكون أعطى الفارس والراجل ممن هو بهذه الصفة ؟ قال : إذا حكي أنه أعطى الفارس والراجل فهو عام حتى تأتي دلالة بخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خاص ، وهو على الغني والفقير والعاجز والشجاع لأنا نستدل أنهم أعطوه لمعنى الحضور ، قلت له : فالدلالة على أن ذوي القربى أعطوا سهم ذوي القربى بمعنى القرابة مثله ، أو أبين فقلت فيمن حضر أرأيت لو قال : قائل ما غنم في زمان النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ليس بالكثير ، فلو غزا قوم فغنموا غنائم كثيرة أعطيناهم بقدر ما كانوا يأخذون في زمان النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس ذلك له ، قد علم الله أن يستغنموا القليل والكثير ، فإذا بين النبي صلى الله عليه وسلم أن لهم أربعة أخماس فسواء قلت ، أو كثرت أو قلوا ، أو كثروا ، أو استغنوا أو افتقروا : قلت فلم لا تقول هذا في سهم ذي القربى ؟ . قلت