التعدي في الاطلاع ودخول المنزل أخبرنا الربيع قال أخبرنا قال أخبرنا الشافعي عن سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { أبي هريرة } أخبرنا لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك من جناح سفيان قال حدثنا الزهري قال سمعت يقول { سهل بن سعد } أخبرنا : اطلع رجل من جحر في حجرة النبي صلى الله عليه وسلم ومع النبي عليه الصلاة والسلام مدرى يحك به رأسه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو أعلم أنك تنظر لطعنت به في عينك إنما جعل الاستئذان من أجل البصر عن عبد الوهاب الثقفي حميد الطويل عن { أنس بن مالك } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بيته رأى رجلا اطلع عليه فأهوى إليه بمشقص كان في يده كأنه لو لم يتأخر لم يبال أن يطعنه
( قال ) رحمه الله : فلو أن الشافعي كان ذلك المطلع من منزل المطلع أو من منزل لغيره أو طريق أو رحبة فكل ذلك سواء وهو آثم بعمد الاطلاع . ولو أن الرجل المطلع عليه خذفه بحصاة أو وخزه بعود صغير أو مدرى أو ما يعمل عمله في أن لا يكون له جرح يخاف قتله وإن كان قد يذهب البصر لم يكن عليه عقل ولا قود فيما ينال من هذا وما أشبهه ولو مات المطلع من ذلك لم يكن عليه كفارة ولا إثم - إن شاء الله تعالى - ما كان المطلع مقيما على الاطلاع غير ممتنع من النزوع فإذا نزع عن الاطلاع لم يكن له أن يناله بشيء وما ناله به فعليه فيه قود أو عقل إذا كان فيه عقل ولو رجلا عمد أن يأتي نقبا أو كوة أو جوبة في منزل رجل يطلع على حرمه من النساء كان عليه القود فيما فيه القود ; لأنه إنما أذن له الذي يناله بالشيء الخفيف الذي يردع بصره لا يقتل نفسه . طعنه عند أول اطلاعه بحديدة تجرح الجرح الذي يقتل أو رماه بحجر يقتل مثله
( قال ) ولو الشافعي استغاث عليه ، فإن لم يكن في موضع غوث أحببت أن ينشده فإن لم يمتنع في موضع الغوث وغيره من النزوع عن الاطلاع فله أن يضربه بالسلاح وأن يناله بما يردعه . فإن جاء ذلك على نفسه أو جرحه فلا عقل ولا قود ولا يجاوز بما يرميه به ما أمرته به أولا حتى يمتنع فإذا لم يمتنع ناله بالحديد وغيره ; لأن هذا مكان يرى ما لا يحل له . ثبت مطلعا لا يمتنع من الرجوع بعد مسألته أن يرجع أو بعد رميه بالشيء الخفيف
( قال ) ولو لم ينل هذا منه كان للسلطان أن يعاقبه ولو أنه أخطأ في الاطلاع لم يكن للرجل أن يناله بشيء إذا اطلع فنزع من الاطلاع أو رآه مطلعا فقال ما عمدت ولا رأيت وإن ناله قبل أن ينزع بشيء فقال ما عمدت ولا رأيت لم يكن عليه شيء ; لأن الاطلاع ظاهر ولا يعلم ما في قلبه ولو الشافعي ضمنه ; لأن الأعمى لا يبصر بالاطلاع شيئا ولو كان أعمى فناله بشيء لم يكن له أن يناله بشيء بحال ولم يكن له أن يطلع ; لأنه لا يدري لعله يرى منهم عورة ليست له رؤيتها . وإن ناله بشيء في الاطلاع ضمنه عقلا وقودا إلا أن يطلع على امرأة منهم متجردة فيقال له فلا ينزع فيكون له حينئذ فيه ما يكون له في الأجنبيين إذا اطلعوا . كان المطلع ذا محرم من نساء المطلع عليه
( قال ) رحمه الله وإنما فرقت بين المطلع أول ما يطلع وبين المريد مال [ ص: 35 ] الرجل أو نفسه بالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن البصر قد يمتنع منه بالتواري عنه بالستر وليس كذلك الرجل يصحر للرجل فيخاف قتله وأبحت ردع البصر بالحصاة وما أشبهها بما حكيت من الخبر وبأن المبصر للعورة متعد وعليه الرجوع من التعدي ألا ترى أن الرجل يلقى الرجل فيقدر المراد على أن يهرب على قدميه من المريد فأجعل له أن يثبت ولا يهرب وأن يدفع إرادته عن نفسه بالضرب بالسلاح وغيره وإن أتى ذلك على نفس المدفوع . الشافعي