من يلي القصاص
( قال ) وإذا قطع الرجل أو جرح فسأل أن يخلى بينه وبين أن يقتص لنفسه لم يخل وذلك ، وكذلك لا يخلى وذلك ولي له ولا عدو للمقتص منه ولا يقتص إلا عالم بالقصاص عدل فيه ويكفي فيه الواحد ; لأنه لا يقتص الاثنان ويأمر الواحد من يعينه ولا يستعين بظنين على المقتص منه بحال . وعلى السلطان أن يرزق من يأخذ القصاص ويقيم الحدود في السرقة وغيرها من سهم النبي صلى الله عليه وسلم من الخمس كما يرزق الحكام ولا يكلف ذلك الناس فإن لم يفعل الحاكم فأجر المقتص على المقتص منه ; لأن عليه أن يعطي كل حق وجب عليه ولا يكمل إعطاؤه إياه إلا بأن يسقط المؤنة عن أخذه كما يكون عليه أن يعطي أجر الكيال للحنطة والوزان للدنانير وهكذا كل قصاص دون النفس يليه غير المقتص له ووليه . وإذا الشافعي أمكن منه وينبغي للإمام أن يتحفظ فيأمر من ينظر إلى سيفه فإن كان صارما وإلا أمره أن يأخذ سيفا صارما لئلا يعذبه ، ثم يدعه وضربه فإن ضربه ضربة فقتله فقد أتى على القود وإن ضربه على كتفيه أو في رأسه منعه العودة وأحلفه ما عمد ذلك فإن لم يحلف على ذلك عاقبه وإن حلف تركه ولا أرش فيها وأمر هو بضرب عنقه بأمر الولي وجبر الولي على ذلك إلا أن يعفو ، وإن كان قتل رجل رجلا فسأل أولياؤه أن يمكن من القاتل يضرب عنقه تركه يضربه حتى يبلغ عدد الضربات فإن مات وإلا يأمر غيره بقتله ، وإذا القاتل ضرب المقتول ضربات في عنقه أعاد الضرب حتى يأتي على نفسه . وينبغي أن يأمر بسيف أصرم من سيفه ويأمر رجلا أضرب منه ليوحيه فإن كان أمر الإمام الرجل غير الظنين [ ص: 64 ] على المستقاد منه أن يقتله فضربه ضربات فلم يقتله أو نال منه ما يشبه ذلك فسأل الولي أن يصنع ذلك به ولينا من يحسن تلك الجراح كلها كما تولى الجارح دون النفس فإن مات وإلا ولينا الولي ضرب عنقه لا يلي الولي إلا قتلة وحية من ضرب عنق أو ذبح إن كان القاتل ذبحه أو خنقه أو ما أشبهه من الميتات الوحية . فإذا بلغ من خنقه بقدر ما مات الأول ولم يمت منعناه الخنق وأمرناه بضرب عنقه ، ولو كان القاتل قطع يدي المقتول أو رجليه أو شجه أو أجافه ، ثم قتله خلينا بين وليه وبين أن يضربه حيث ضربه فإن أبانه وإلا أمرناه أن يضرب عنقه ، ولو كان لم يبنه إلا بضربات خلينا بينه وبين عدد ضربات فإن لم يبنه قتلناه بأيسر القتلتين ضربة تبين ما بقي منه أو ضربة عنق . . القاتل ضرب وسط المقتول ضربة فأبانه