إعواز الإبل
( قال ) رحمه الله : وعام في أهل العلم { الشافعي } ثم قومها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض الدية مائة من الإبل رضي الله عنه على أهل الذهب والورق فالعلم محيط إن شاء الله تعالى أن عمر لا يقومها إلا قيمة يومها ولعله قوم الدية الحالة كلها في العمد ، وإذا قومها عمر قيمة يومها فاتباعه أن تقوم كلما وجبت على إنسان قيمة يومها كما لو قومت إبل رجل أتلفها رجل شيئا ثم أتلف آخر بعدها مثلها قومت بسوق يومها ولو قومت سرقة ليقطع صاحبها شيئا ثم سرق بعدها آخر مثلها قومت كل واحدة منهما قيمة يومها ولعل عمر أن لا يكون قومها إلا في حين وبلد هكذا قيمتها فيه حين أعوزت ولا يكون قومها إلا برضا من الجاني وولي الجناية كما يقوم ما أعوز من الحقوق اللازمة غيرها وما تراضى به من له الحق وعليه . أخبرنا عمر مسلم بن خالد عن عن عبيد الله بن عمر أيوب بن موسى عن ابن شهاب ومكحول . قالوا : أدركنا الناس على أن دية الرجل المسلم الحر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة من الإبل فقوم وعطاء رضي الله عنه على أهل القرى ألف دينار أو اثني عشر ألف درهم فإن كان الذي أصابه من عمر الأعراب فديته مائة من الإبل لا يكلف الأعرابي الذهب ولا الورق .
( قال ) وهذا يدل على ما وصفت من أن لم يقوم الدية على من يجد الإبل ولم يقومها إلا عند الإعواز ، ألا ترى أنه لا يكلف الأعرابي ذهبا ولا ورقا لوجود الإبل وأخذ الذهب والورق من القروي لإعواز الإبل فيما أرى - والله أعلم - أن الحق لا يختلف في الدية . أخبرنا عمر عن مسلم عن ابن جريج قال { عمرو بن شعيب } . أخبرنا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم الإبل على أهل القرى أربعمائة دينار وعدلها من الورق ويقسمها على أثمان الإبل فإذا غلت رفع في قيمتها وإذا هانت نقص من قيمتها على أهل القرى والثمن ما كان عن مسلم عن ابن جريج قال قضى عمرو بن شعيب رضي الله عنه على أهل القرى حين كثر المال وغلت الإبل فأقام مائة من الإبل بستمائة دينار إلى ثمانمائة دينار أخبرنا أبو بكر مسلم بن خالد [ ص: 124 ] عن عن ابن جريج عن أبيه أنه كان يقول على الناس أجمعين أهل القرى وأهل البادية مائة من الإبل على الأعرابي والقروي أخبرنا مسلم عن ابن جريج قال قلت لعطاء الدية الماشية أو الذهب ؟ قال كانت الإبل حتى كان ابن طاوس رضي الله عنه فقوم الإبل بعشرين ومائة كل بعير فإن شاء القروي أعطى مائة ناقة ولم يعط ذهبا كذلك الأمر الأول ( قال عمر بن الخطاب ) وبهذا كله نأخذ فتؤخذ الإبل ما وجدت وتقوم عند الإعواز على ما وصفت ; لأن من لزمه شيء لم يقوم عليه وهو يوجد مثله ، ألا ترى أن من لزمه صنف من العروض لم يؤخذ منه إلا هو فإن أعوز ما لزمه من الصنف أخذت قيمته يوم يلزم صاحبه . وقد يحتمل الشافعي أن يكون أعوز من عليه الدية فقومت عليه أو كانت موجودة عند غيره ببلده فقومت والأول أشبه - والله أعلم - . وما روي مما وصفت من تقويم من قوم الدية - والله أعلم - على ما ذهبت إليه ( قال ) والدية تقويم الإبل كما لا يقوم غيرها إلا بهما . ولو جاز أن نقومها بغيرها جعلنا على أهل البقر البقر وعلى أهل الشاة الشاة فقد روي هذا عن لا تقوم إلا بالدنانير والدراهم كما رويت عنه قيمة الدنانير والدراهم . وجعلنا على أهل الطعام الطعام وعلى الخيل الخيل وعلى أهل الحلل الحلل بقيمة الإبل ولكن الأصل كما وصفت الإبل فإذا أعوز فالقيمة قيمة ما لا يوجد مما وجب على صاحبه وليس ذلك إلا من الدنانير والدراهم ( قال ) وإن عمر أخذ منها ما وجد وقيمة ما لم تجد إذا لم تجد الوفاء منه بحال . وإنما تقوم إبل من وجبت عليه الدية إن كانت الجناية مما تعقلها العاقلة قومت إبلها وإن كانت مما يعقلها الجاني قومت إبله إن اختلفت إبله وإبل العاقلة . وجدت العاقلة بعض الإبل