الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
السابع تنظيف الرواجب أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم العرب بتنظيفها وهي رءوس الأنامل وما تحت الأظفار من الوسخ لأنها كانت لا يحضرها المقراض في كل وقت فتجتمع فيها أوساخ فوقت لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قلم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أربعين يوما لكنه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتنظيف ما تحت الأظفار وجاء في الأثر أن النبي صلى الله عليه وسلم استبطأ الوحي فلما هبط عليه جبريل عليه السلام قال له : كيف ننزل عليكم وأنتم لا تغسلون براجمكم ولا تنظفون رواجبكم وقلحا لا تستاكون ؟ مر أمتك بذلك وألاف وسخ الظفر والتف وسخ الأذن وقوله عز وجل : فلا تقل لهما أف ، تعبهما أي بما تحت الظفر من الوسخ وقيل : لا تتأذ بهما كما تتأذى ، بما تحت الظفر .

التالي السابق


(السابع تنظيف الرواجب ) وهي جمع راجبة ، وقال : كراع واحدتها رجبة بالضم وأنكره الأزهري فقال : ولا أدري كيف ذلك ، فإن فعله لا تكسر على فواعل قال في الكفاية هي بطون السلاميات وظهورها ، وفي القاموس هي مفاصل أصول الأصابع أو بواطن مفاصلها أو قصب الأصابع أو مفاصلها أو ظهور السلاميات وما بين البراجم من السلاميات أو المفاصل التي تلي الأنامل ، وقال ابن عدي : ومما يستحب تعاهده أيضا ما بين عقد الأصابع من باطن الكف وتسمى الرواجب قاله أبو موسى المديني في ذيل الغريبين (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم به العرب) جاء ذلك في حديث ابن عباس أخرجه أحمد وسيأتي لفظه للمصنف قريبا وفيه ولا تنقون رواجبكم وتفسير المصنف إياها مخالف لما نقله أئمة اللغة حيث قال : (وهي رؤوس الأنامل) وتقدم عن صاحب الكفاية هي بطون السلاميات ، وعن أبي موسى المديني هي ما بين عقد الأصابع من باطن الكف ، وكذا قوله : (وما تحت الأظفار من الوسخ) ، فإن فهمه [ ص: 399 ] بعيد عن معنى الرواجب ، وقد بنى عليه المصنف وعلله بقوله : (لأنها) ، أي : طائفة العرب (كانت لا يحضرها المقراض في كل وقت) فيقصون بها أظافيرهم (فتجتمع فيها أوساخ) ، وكان المناسب ذكر هذا المعنى عند قص الأظفار ، فإن غسل عقد الأصابع من الباطن والظاهر شيء وتنقية الوسخ تحت الأظافر شيء آخر فتأمل يظهر لك (فوقت لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قلم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أربعين يوما ) هو عند مسلم من حديث أنس وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا يترك أكثر من أربعين ليلة ، وهكذا أخرجه ابن ماجه بلفظ : وقت على البناء للمفعول وحكمه الرفع على الصحيح عند أهل الحديث والأصول ، وقال أبو داود والنسائي والترمذي : في هذا الحديث وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرح بالفاعل ، وقد تكلم العقيلي وابن عبد البر في حديث أنس هذا فقال العقيلي في الضعفاء في ترجمة جعفر بن سليمان الضبعي : في حديثه هذا نظر ، وقال ابن عبد البر : لم يروه إلا جعفر بن سليمان وليس بحجة لسوء حفظه وكثرة غلطه قال العراقي في شرح التقريب : قد تابعه عليه صدقة بن موسى الدقيقي فرواه عن أبي عمران الجرني عن أنس أخرجه كذلك أبو داود والترمذي ، ولكن صدقة ضعيف ، ورواه أيضا عبد الله بن عمران عن أبي عمران ، كما سيأتي قال : وله طريق آخر رواه أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة القطان في زياداته على سنن ابن ماجه من رواية علي بن زيد بن جدعان عن أنس وابن جدعان أيضا ضعفه الجمهور قال : وقد ورد حديث أنس هذا من وجه لا يثبت وفرق بين هذه الخصال في التوقيت ، وهو ما رواه ابن عدي في الكامل في ترجمة أبي خالد إبراهيم بن سالم النيسابوري ، ثنا عبد الله بن عمران شيخ مصر عن أبي عمران الجوني عن أنس قال : وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلق الرجل عانته كل أربعين يوما وأن ينتف إبطه كلما طلع ولا يدع شاربيه يطولان وأن يقلم أظفاره من الجمعة إلى الجمعة وأن يتعاهد البراجم إذا توضأ الحديث قال صاحب الميزان : وهو حديث منكر وأصح طرقه طريق مسلم على ما فيها من الكلام وليس فيها تأقيت لما هو أولى ، بل ذكر فيها أنه لا يزيد على أربعين قال صاحب المفهم : هذا تحديد أكثر المدة قال : والمستحب تفقد ذلك من الجمعة إلى الجمعة وإلا فلا تحديد فيه للعلماء إلا أنه إذا كثر ذلك أزيل ، وكذا قال النووي في شرح مسلم المختار أنه يضبط بالحاجة وطوله والله أعلم (لكنه أمر صلى الله عليه وسلم بتنظيف ما تحت الأظفار) إذا طالت واجتمعت تحتها أوساخ لما رواه الطبراني من حديث وابصة بن معبد : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن كل شيء حتى سألته عن الوسخ الذي تحت الأظفار فقال : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك وسنده ضعيف (وجاء في الأثر أن النبي صلى الله عليه وسلم استبطأ الوحي فلما هبط عليه جبريل عليه السلام قال له : كيف ننزل عليكم وأنتم لا تغسلون براجمكم ولا تنظفون رواجبكم وقلحا لا تستاكون ؟ مر أمتك بذلك ) رواه أحمد في مسنده من حديث ابن عباس وفيه إسماعيل بن عياش من روايته عن الشاميين وهي مقبولة ولفظه أنه قيل له : يا رسول الله لقد أبطأ عنك جبريل فقال : ولم لا يبطئ عني وأنتم لا تستنون ولا تقلمون أظفاركم ولا تقصون شواربكم ولا تنقون رواجبكم ؟ (وألاف) بالضم (وسخ الظفر) الذي حوله والتف الذي فيه وقيل : ألاف قلامة الظفر وقيل : ما رفعته من الأرض من عود أو قصبة (والتف) بالضم (وسخ الأذن) وقيل بالعكس ونقل الأصمعي وبكل ذلك فسر قولهم أفا له وتفا (وقوله عز وجل : فلا تقل لهما أف ، أي :) لا (تعبهما بما تحت الظفر من الوسخ) ، وهو أحد معاني قول الله تعالى : (وقيل : لا تتأذى بهما ، كما تتأذى بما تحت الظفر) من الأذى ولا تؤذيهما بمقدار ذلك هكذا هو في القوت والمشهور عند المفسرين أن أف كلمة تكره وتضجر قال القتبي : لا تستثقل ، أي : من أمرهما شيئا وتضيق صدرا به ولا تغلظ لهما قال : والناس يقولون لما يستثقلون ويكرهون : أف له وأصل هذا نفخك للشيء يسقط عليك من تراب أو رماد وللمكان تريد إماطة الأذى عنه فقيلت لكل مستثقل ، وقال الزجاج : المعنى لا تقل لهما ما فيه أدنى تبرم إذا كبرا أو أسنا ، بل تول خدمتهما .




الخدمات العلمية