الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مريدا في أزله لوجود الأشياء في أوقاتها التي قدرها ، فوجدت في أوقاتها كما أراده في أزله من غير تقدم ولا تأخر بل وقعت على وفق علمه وإرادته من غير تبدل ولا تغير .

دبر الأمور لا بترتيب أفكار ولا تربص زمان فلذلك لم يشغله شأن عن شأن .

التالي السابق


(مريدا في أزله لوجود الأشياء في أوقاتها التي قدرها، فوجدت في أوقاتها كما أراد في أزله) وهي الإرادة لكونه، وقد سبق أنها متى تعلقت بشيء وجب وجوده (من غير تقدم) عن وقته (ولا تأخر) عنه (بل وقعت على وفق علمه وإرادته) قال شيخ مشايخنا: تأثير الإرادة عند أهل الحق على وفق العلم، فكل ما علم الله تعالى أنه يكون من الممكنات أو لا يكون، فذلك مراده -عز وجل- (من غير تبدل ولا تغير) وفي ذلك خلاف للمعتزلة يأتي بيان قولهم والرد عليهم .

(دبر الأمور) لما كان التدبير في صفات البشر هو التفكير في عواقب الأمور، ولا يوصف سبحانه وتعالى به، فإنه لم يزل عالما قبل وقوعها؛ فلذلك أعقبه بقوله (لا بترتيب أفكار وتربص زمان) فإذا المراد بالتدبير في الأمور هنا إمضاؤها، وبه فسر قوله تعالى: يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ، فيكون المدبر على هذا من أسمائه الأزلية؛ فلا مدبر ولا مقدر لما يجري من السموات والأرض غيره، كل حادث فيهن، وما بينهن، واقع بتقديره، وجار على تدبيره، فله التدبير والتقدير .

(فلذلك لم يشغله شأن عن شأن) وهو الآن كما عليه كان، ثم اعلم أن للقدرة والإرادة تعلقين: صلوحي وتنجيزي، فالصلوحي: قديم، وحقيقته صحة الإيجاد والإعدام بالقدرة، وصحة التخصيص بالإرادة، بمعنى أن القدرة في الأزل صالحة للإيجاد والإعدام على وفق تعلق الإرادة الأزلية، والتنجيزي: حادث، وحقيقته صدور الممكنات عن القدرة والإرادة، وللإرادة تعلق ثالث، وهو تنجيزي قديم، وحقيقته قصد إيجاد الله تعالى الأشياء في أوقاتها المعلومة .




الخدمات العلمية