وأما ، فقلة الأنفة مما يؤنف منه من التعرض للحرم ، والزوجة ، والأمة واحتمال الذل من الأخساء وصغر النفس والقماءة ، وهو أيضا مذموم ; إذ من ثمراته عدم الغيرة على الحرام ، وهو خنوثة قال صلى الله عليه وسلم : ثمرة الحمية الضعيفة سعدا لغيور ، وأنا أغير من سعد وإن الله ، أغير مني . إن
وإنما خلقت الغيرة لحفظ الأنساب ولو تسامح الناس بذلك لاختلطت الأنساب ; ولذلك قيل : كل أمة وضعت الغيرة في رجالها وضعت الصيانة في نسائها ومن ضعف الغضب الخور والسكوت عند مشاهدة المنكرات ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : . خير أمتي أحداؤها
يعني في الدين وقال تعالى : ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله بل من فقد الغضب عجز عن رياضة نفسه إذ لا تتم الرياضة إلا بتسليط الغضب على الشهوة حتى يغضب على نفسه عند الميل إلى الشهوات الخسيسة ، ففقد الغضب مذموم ، وإنما المحمود غضب ينتظر إشارة العقل والدين ، فينبعث حيث تجب الحمية وينطفئ ، حيث يحسن الحلم ، وحفظه على حد الاعتدال هو الاستقامة التي كلف الله بها عباده وهو الوسط الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث قال : . خير الأمور أوساطها
فمن مال غضبه إلى الفتور حتى أحس من نفسه بضعف الغيرة ، وخسة النفس في احتمال الذل ، والضيم في غير محله فينبغي أن يعالج نفسه حتى يقوى غضبه ، ومن مال غضبه إلى الإفراط حتى جره إلى التهور ، واقتحام الفواحش ، فينبغي أن يعالج نفسه لينقص من سورة الغضب ، ويقف على الوسط الحق بين الطرفين ، فهو الصراط المستقيم وهو أرق من الشعرة ، وأحد من السيف فإن عجز عنه ، فليطلب القرب منه قال تعالى ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة ، فليس كل من عجز عن الإتيان بالخير كله ينبغي أن يأتي بالشر كله ، ولكن بعض الشر أهون من بعض وبعض ، الخير أرفع من بعض ، فهذه حقيقة الغضب ، ودرجاته نسأل الله حسن التوفيق لما يرضيه إنه على ما يشاء قدير .