فهذه الأقاويل دالة في الظاهر على أنهم لم يغضبوا لاشتغال قلوبهم بمهمات دينهم ، ويحتمل أن يكون ذلك قد أثر في قلوبهم ، ولكنهم لم يشتغلوا به ، واشتغلوا بما كان هو الأغلب على قلوبهم ، فإذا اشتغال القلب ببعض المهمات لا يبعد أن يمنع هيجان الغضب عند فوات بعض المحاب ، فإذا يتصور فقد الغيظ إما باشتغال القلب بمهم أو بغلبة نظر التوحيد أو بسبب ثالث : وهو أن يعلم أن الله يحب منه أن لا يغتاظ فيطفئ ، شدة حبه لله غيظه ، وذلك غير محال في أحوال نادرة وقد عرفت بهذا أن وذلك بمعرفة آفات الدنيا ، وغوائلها ، كما سيأتي في كتاب ذم الدنيا ، ومن أخرج حب المزايا عن القلب تخلص من أكثر أسباب الغضب ، وما لا يمكن محوه يمكن كسره ، وتضعيفه فيضعف الغضب بسببه ، ويهون دفعه نسأل الله حسن التوفيق بلطفه وكرمه إنه على كل شيء قدير والحمد لله وحده . الطريق للخلاص من نار الغضب محو حب الدنيا عن القلب
.