الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الثاني : أن يخوف نفسه بعقاب الله ، وهو أن يقول : قدرة الله علي أعظم من قدرتي على هذا الإنسان ، فلو أمضيت غضبي عليه لم آمن أن يمضي الله غضبه علي يوم القيامة ، أحوج ما أكون إلى العفو فقد قال تعالى في بعض الكتب القديمة يا ابن آدم ، اذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب ، فلا أمحقك فيمن أمحق وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وصيفا إلى حاجة فأبطأ عليه ، فلما جاء ، قال : لولا القصاص لأوجعتك .

أي القصاص في القيامة وقيل : ما كان في بني إسرائيل ملك إلا ومعه حكيم إذا غضب أعطاه صحيفة فيها : ارحم المسكين ، واخش الموت ، واذكر الآخرة ، فكان يقرؤها حتى يسكن غضبه .

[ ص: 21 ]

التالي السابق


[ ص: 21 ] (الثاني: أن يخوف نفسه بعذاب الله، وهو أن يقول: قدرة الله علي أعظم من قدرتي على هذا الإنسان، فلو أمضيت غضبي عليه، فما آمن أن يمضي الله غضبه علي يوم القيامة، أحوج ما أكون إلى العفو) ، فإذا تأمل هذا المعنى، فلا بد وأن ينكسر ثوران الغضب عنه في الحال، (وقد قال تعالى في بعض الكتب) التي أنزلها على رسله: (يا ابن آدم، اذكرني حين تغضب، فلا أمحقك فيمن أمحق) .

أخرجه ابن شاهين في الترغيب، وقد تقدم .

(وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وصيفا) ، وهو الغلام دون المراهق (إلى حاجة فأبطأ عليه، فلما جاء، قال: لولا القصاص لأوجعتك) .

قال العراقي: رواه أبو يعلى من حديث أم سلمة بسند ضعيف. ا ه .

قلت: ورواه ابن سعد في الطبقات بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل وصيفة له، فأبطأت عليه، فقال: لولا القصاص لأوجعتك بهذا السواك (أي القصاص في القيامة) ، ونقل البخاري في الصحيح أنه أقاد أبو بكر، وعمر، وابن الزبير، وعلي، وسويد بن مقرن من اللطمة، وأقاد عمر من ضربه بالدرة، وأقاد علي ثلاثة أسواط، واقتص شريح من سوط وخموش، وهذا كله رواية عن الإمام أحمد، ولكن العمل على خلافه لعدم انضباطه، وقد أجمع الفقهاء أن لا قصاص إلا في الجراح والقتل، كما نقله ابن الجوزي، وتبعه الذهبي في سيرة عمر بن الخطاب، ولكن دعوى الإجماع فيه نظر، إلا أن يكون الخلاف لفظيا، وقد قال الله تعالى: فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم (وقيل: ما كان في بني إسرائيل ملك إلا ومعه حكيم إذا غضب أعطاه صحيفة، وفيها: ارحم المسكين، واخش الموت، واذكر الآخرة، فكان يقرؤها فيسكن غضبه) .

رواه ابن أبي الدنيا في ذم الغضب .




الخدمات العلمية