الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الآثار قال عمر رضي الله عنه : من اتقى الله لم يشف غيظه ، ومن خاف الله لم يفعل ما يشاء ، ولولا يوم القيامة لكان غير ما ترون وقال لقمان لابنه يا بني لا تذهب ماء وجهك بالمسألة ، ولا تشف غيظك بفضيحتك ، واعرف قدرك تنفعك معيشتك وقال أيوب حلم ساعة يدفع شرا كثيرا .

واجتمع سفيان الثوري ، وأبو خزيمة اليربوعي ، والفضيل بن عياض فتذاكروا الزهد فأجمعوا ، على أن أفضل الأعمال الحلم عند الغضب ، والصبر عند الجزع .

وقال رجل لعمر رضي الله عنه : والله ما تقضي بالعدل ولا ، تعطي الجزل فغضب عمر حتى عرف ذلك في وجهه ، فقال له رجل : يا أمير المؤمنين ألا ، تسمع إلى الله تعالى يقول : خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ، فهذا من الجاهلين ، فقال عمر : صدقت ، فكأنما كانت نارا فأطفئت ، وقال محمد بن كعب ثلاث من كن فيه استكمل الإيمان بالله إذا رضي لم يدخله رضاه في الباطل ، وإذا غضب لم يخرجه غضبه عن الحق ، وإذا قدر لم يتناول ما ليس له وجاء رجل إلى سلمان فقال يا عبد الله أوصني قال : لا تغضب ، قال : لا أقدر ، قال : فإن غضبت فأمسك لسانك ، ويدك .

التالي السابق


(الآثار)

(قال عمر - رضي الله عنه -: من اتقى الله لم يشف غيظه، ومن خاف الله لم يفعل ما يريد، ولولا يوم القيامة لكان غير ما ترون) .

أخرجه ابن أبي سعد: من اتقى الله كل لسانه، ولم يشف غيظه، ورواه كذلك الديلمي، وابن النجار، وهو في البلدانيات للسلفي.

[ ص: 26 ] وقد تقدم للمصنف .

(وقال لقمان لابنه) ، وهو يعظه: (يا بني لا تذهب ماء وجهك بالمسألة، ولا تشف غيظك بفضيحتك، واعرف قدرك تنفعك معيشتك) .

أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الغضب، (واجتمع سفيان الثوري، وأبو خزيمة اليربوعي، والفضيل بن عياض) - رحمهم الله تعالى - (فتذاكروا الزهد، فاجتمعوا على أن أفضل الأعمال الحلم عند الغضب، والصبر عند الطمع) .

أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الغضب، (وقال رجل لعمر - رضي الله عنه -: والله ما تقضي بالعدل، وما تعطي الجزل) ، أي: الكثير، (فغضب عمر حتى عرف) ذلك (في وجهه، فقال رجل: يا أمير المؤمنين، ألم تسمع أن الله تعالى يقول: خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ، فهذا من الجاهلين، فقال عمر: صدقت، فكأنما كانت نارا، فانطفأت) .

أخرجه البخاري في الصحيح من طريق شعيب، عن الزهري، عن عبيد الله أن ابن عباس قال: قدم عيينة بن حصن، فنزل على الحر بن قيس، وكان ممن يدنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجلس عمر، فقال: يا ابن الخطاب ما تعطينا الجزل، وما تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى هم به، فقال الحر: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيه: خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ، وإن هذا من الجاهلين، فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافا عند كتاب الله، انفرد به البخاري، وقد تقدم ذكره قريبا، (وقال محمد بن كعب) القرظي: (ثلاث) خصال (من كن فيه) فقد (استكمل الإيمان بالله) تعالى: إحداهن: (إذا رضي لم يدخله رضاه في الباطل، وإذا غضب لم يخرجه غضبه عن الحق، وإذا قدر لم يتناول ما ليس له) .

أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الغضب .

وقد روي مرفوعا من حديث أنس، رواه الطبراني في الصغير بلفظ: ثلاث من أخلاق الإيمان: من إذا غضب لم يدخله غضبه في باطل، ومن إذا رضي لم يخرجه رضاه من حق، ومن إذا قدر لم يتعاط ما ليس له، قال الهيثمي: فيه بشر بن الحسين، وهو كذاب .

(وجاء رجل إلى سلمان) الفارسي - رضي الله عنه - (فقال) له: (يا أبا عبد الله أوصني، فقال: لا تغضب، قال: لا أقدر، قال: فإن غضبت فأمسك لسانك، ويدك) .

أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الغضب من طريق ميمون بن مهران ، قال: جاء رجل، فذكره، وفيه: إن الرجل قال: أمرتني ألا أغضب، وإنه ليغشاني ما لا أملك، قال: فإن غضبت فأمسك لسانك، ويدك، وملك يده، ولسانه هو الذي أشار النبي صلى الله عليه وسلم بأمره لمن غضب أن يجلس، ويضطجع، وبأمره أن يسكت .




الخدمات العلمية