وقال الرفق بني الحلم . وهب بن منبه
وفي الخبر موقوفا ، ومرفوعا : العلم خليل المؤمن والحلم وزيره والعقل دليله والعمل قيمه والرفق والده واللين أخوه والصبر أمير جنوده وقال بعضهم : ما أحسن الإيمان يزينه العلم ، وما أحسن العلم يزينه العمل ، وما أحسن العمل يزينه الرفق ، وما أضيف شيء إلى شيء مثل حلم إلى علم وقال عمرو بن العاص لابنه عبد الله ما الرفق ? قال : تكون ذا أناة فتلاين الولاة قال : فما الخرق ? قال : معاداة إمامك ومناوأة من يقدر على ضررك وقال سفيان لأصحابه تدرون : أبا محمد ، قال : أن تضع الأمور مواضعها ; الشدة في موضعها ، واللين في موضعه ، والسيف في موضعه ، والسوط في موضعه وهذه إشارة إلى أنه لا بد من مزج الغلظة باللين ، والفظاظة بالرفق كما قيل . ما الرفق ? قالوا : قل يا
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر كوضع السيف في موضع الندى
فالمحمود وسط بين العنف واللين ، كما في سائر الأخلاق ولكن لما كانت الطباع إلى العنف والحدة أميل ، كانت الحاجة إلى ترغيبهم في جانب الرفق أكثر ; فلذلك كثر ثناء الشرع على جانب الرفق دون العنف وإن كان العنف في محله حسنا ، كما أن الرفق في محله حسن ، فإذا كان الواجب هو العنف ، فقد وافق الحق الهوى ، وهو ألذ من الزبد بالشهد وهكذا وقال رحمه الله روي أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عمرو بن العاص يعاتبه في التأني فكتب إليه معاوية أما بعد ، فإن الفهم في الخير زيادة رشد وإن الرشيد من رشد عن العجلة وإن الخائب من خاب عن الأناة وإن المتثبت مصيب أو كاد أن يكون مصيبا ، وإن العجل مخطئ أو كاد أن يكون مخطئا وأن ، من لا ينفعه الرفق يضره الخرق ، ومن لا ينفعه التجارب لا يدرك المعالي وعن أبي عون الأنصاري قال : ما تكلم الناس بكلمة صعبة إلا وإلى جانبها كلمة ألين منها تجري مجراها وقال معاوية أبو حمزة الكوفي لا تتخذ من الخدم إلا ما لا بد منه ، فإن مع كل إنسان شيطانا واعلم أنهم لا يعطونك بالشدة شيئا إلا أعطوك باللين ما هو أفضل منه وقال الحسن المؤمن وقاف متأن وليس كحاطب ليل فهذا ثناء أهل العلم على الرفق ; وذلك لأنه محمود ومفيد في أكثر الأحوال ، وأغلب الأمور ، والحاجة إلى العنف قد تقع ، ولكن على الندور وإنما الكامل من يميز مواقع الرفق عن مواضع العنف فيعطي كل أمر حقه ، فإن كان قاصر البصيرة أو أشكل عليه حكم واقعة من الوقائع ، فليكن ميله إلى الرفق فإن النجح معه في الأكثر .